وقفت متأملاً لعدة ساعات تتملكني الحيرة والفراغ، تائهاً، مشتتاً، يداي لا تقوى على الكتابة وعقلي أكاد أشعر أنه لا شيء بداخله سوى فراغ متعب، أحاولُ جاهداً أن أجد الباب سريعاً، أجري، أركض، أنهض من مكاني، لعله يخرج من بين الظلام نور أو صوتٌ هناك او يدٌ تمسك يداي وترشدني إلى حيث أخرج من الدوامةُ التي تعصفُ بي لأعود إلى حيث يجب أن أكون.
وأخيراً هطل المطر وغطى الشوارع وكل ما على هذه الأرض فغسلها بعد جفاف وروى الزرع بعد عطش وأراح القلوب وأسعدها بعد كتمة وعتمة وألقى في النفس طمأنينة، أنهُ الفيض الإلهي الذي يغمرنا دائماً ويتفضل علينا بهِ، إستعدتُ شتات أفكاري ولملمتها وأخذت نفساً عميق، لم أشعر من أين أتى النور ومن أي جهة جاء الصوت، غير أني نهضت مُسرعاً لنافذة غرفتنا، فكان فيضه سبحانه لا إله إلا هو، ينفذُ نوره على الدوام، خرجت من مسكني وبدأت في إجراء إتصالاتي وذهبت لزيارة هنا وهناك وبعد أن أتممت كل ذلك جلست في مركبتي بجانب الطريق وزخات المطر تهطل تارةً بقوة وتارة بهدوء على أنغام الموسيقى والتأمل في هذا الكون، جل وعلت قدرته سبحانه وتعالى.