في بداية شهر أكتوبر لسنة 2018م قامت مملكة البحرين بطرح برنامج للتقاعد المبكر تحت مسمى (التقاعدالإختياري) ويسمح التقاعد الإختياري بخروج الموظف الذي أكمل عشر سنوات خدمة فما فوق بالخروج على التقاعد ويتم فيها إعطاء الموظف عشر سنوات خدمة إفتراضية، وبناءً عليه قام ديوان الخدمة المدنية بإتاحة التسجيل فيه عن طريق موقع ديوان الخدمة المدنية بملئ الإستمارة والإقرار عليها، ويعتبر التسجيل بمثابة إقرار للخروج على التقاعد الإختياري، وقُدر أنني تقدمت بطلب للتقاعد الإختياري ظناً مني أنه يمكنني التراجع عنه في حال لم تعجبني الحسبة النهائية، وحقيقةً لم أنتبه إلى بند الإقرار ! وكانت الصدمة أن جميع من تقدموا للتقاعد الإختياري لا يمكنهم التراجع عنه، ومنذ سماع هذا الخبر عشت في حالة من القلق والخوف، حيث أنني لم أكن مُستعد للتقاعد، تحدثت مع رئيسي وقسم شئون الموظفين بخصوص إلغاء الطلب حتى أنني ذهبت لديوان الخدمة المدنية وأفادني الديوان بأنه لا يمكن التراجع عن الطلب ولا يوجد آلية لذلك ويجب علي أن أتقبل نتيجة ما أقدمت عليه، رفعت خطاب وتلاه خطاب آخر لمدير الإدارة لطلب إلغاء الطلب الذي قمت بتقديمه، ولم أحصل على جواب شافي يجعلني أهدأ ويرتاح بالي، إنقلبت الدنيا لدي رأساً على عقب، تضامن معي رئيس قسمي ورفع خطاب إلى مدير الإدارة يطلب فيه إلغاء الطلب الذي تقدمت به، بعد رفع الخطاب بدقائق حضرت مديرة الإدارة (إدارة الموارد البشرية) وناقشت الموضوع معه وأخبرته أن يعتبر أن موضوعي تم حله وأنها سوف تعمل على أن يتم إلغاء طلبي، دامت معاناتي قرابة الثلاثة أشهر فأقل بقليل، شعرت وأحسست بقيمة الوظيفة وما تعنيه وتخيلت نفسي بلا عمل فلم أحتمل ذلك فكيف وأنا متقاعد وجالس في البيت !، بتاريخ 19 ديسمبر لسنة 2018م وصلني إتصال من ديوان الخدمة المدنية بقبول طلب الإنسحاب من التقاعد الإختياري ويجب أن أذهب إلى ديوان الخدمة المدنية لإستكمال إجراءات الإنسحاب بتاريخ 23 ديسمبر 2018م، وفعلاً ذهبت بالتاريخ المذكور وقمت بالتوقيع على إقرار الإنسحاب من التقاعد الإختياري ولله الحمد (فُرجت وكنتُ أظنها لن تفرجُ)، لقد أعطتني الحياة درساً قاسياً فالأخطاء الصغيرة التي “نعتقدها” قد تكون عواقبها وخيمة وتكلفتها عالية جداً، ويجب علينا التفكير ألف مرة قبل إتخاذ قراراتنا والإقدام عليها، علمني خطئي أن الوظيفة شيء كبير ونعمة لا تقدر بثمن فهي التي تجعل الإنسان مرفوع الرأس غير محتاج، علمني خطئي أن العلاقات مع الناس قد تجنبنا الكثير من الأزمات، فلو لم تكن علاقتي جيدة مع رئيسي ومدير إدارتي ومع باقي الأقسام لما تم إلغاء الطلب الذي تقدمت به، علمني خطئي أنهُ لابد أن أعمل على مشروع بحيث يكون كمصدر دخل إضافي غير وظيفتي، سبحان الله لو لم أمر بهذه التجربة لما عرفت قيمة النعمة التي أنا فيها ولم أستلهم هذه الدروس والعبر.
سبحانك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.