نجمة الأحزان
مشرفة الضحك والفرفشة
فقير ولد وفقيرا عاش وسيموت فقيرا . وورثه لأولاده من بعده بندقية وتاريخ مليء بالأنتصارات .
من زاره في العام 92 سيجد حين يزوره في العام 93 والاعوام التالية حتى اليوم بأنه يلبس نفس الحذاء وساعة يده السايكو تغيرت منذ عامين بساعة من نفس الماركة لا يزيد ثمنها عن تسعة عشر دولارا وأن كل الهدايا الثمينة التي ترسل له من المغتربين والأغنياء والزوار يتبرع بها " للشباب " لأنهم أحق بمالها الذي تباع به .
يوم زاره كوفي عنان في العام الفين طلب له الكابوتشينو وقنينة بيريه لأنه كان يعرف ما الذي يحبه كوفي وما الذي يرغبه وتلك كانت الرسالة الأولى لكوفي عنان إلى أن مهمته مستحيلة مع رجل يهتم بالتفاصيل المملة عن حياته وشرابه المفضل .
حين حضر حفل تخرج لدورة على الرماية للفتيات الحزبيات وكان لا يزال " رابطا عسكريا لمنطقة بيروت في الحزب " يقال بأنه لم يرفع رأسه عن الأرض حياء وخجلا رغم أنه عنيف الطبع مع المقصرين بحق العمل المقاوم .
لم يتورع يوما عن دعوة محامي لبناني إعتقل لشبهة العمالة بحكم علاقته مع شخصيات أجنبية مشبوهة ليتبين فيما بعد أن الرجل لم يكن له علاقة أمنية معهم وليعتذر منه نصرالله وليقدم له عرضا قائلا " أنا المسؤول خذ حقك مني حتى ترضى إن لم يكفيك الإعتذار الشفهي وكوب الشاي الأسود والمكسور بالماء الساخن" .
لربما هو الوحيد الذي جعل رفيق الحريري يخلع حذائه ويجلس على "طراحة" ممدودة على الأرض بسيطة في منزل متواضع أثناء مأدبة عشاء احتوت على اللبنة والزيتون فقط لا غير
له ميزة محاباة والديه وأقاربه إلى درجة أنه وبرواية من يخبر بأم العين أنه أحب ولده حتى أرسله ليقاتل .
وحابى والده الحاج عبد الكريم إلى درجة أن المسؤلين في مؤسسة مالية تتبع للحزب وتقدم القروض رفضت طلبا لوالده بالتوسط لمصلحة مستدين لا تتوفر فيه شروط الإستدانه وهو الفقير المطلق فخرج الحاج والد أمين عام الحزب رب عمل الموظف الرافض خائبا خجلا ولا إهانة فقد كان الجميع لبقا مع الجميع .
في إحدى مناسبات شهر رمضان أقيمت لدار أيتام في منطقة سوق الروشة الجديد وكان ذلك في اول ظهور له بعد إنتخابه امينا عاما وكانت الدعوة موجهة للحاضرين بداعي جمع التبرعات لصالح مبرة ايتام لا علاقة لها بالحزب .
وكان من الحاضرين الرئيس الحريري ووزراء ونواب وقادة جيش ورجال سياسة وديبلوماسيين . حين دخل نصرالله بلحمه وشحمه مر بجانب الزعماء ولم يتوقف بل حياهم من بعيد واضعا يده على صدره ولكنه حين وصل إلى طاولة " معثرين " سلم على جميع من على الطاولة باليد وجلس دون الألتفات إلى طاولات الزعماء التي دعي من المشرفين ليجلس عليها .
ولكنه أكتشف سريعا بأن مجموعة من رجال الأعمال والتجار وبعض الأخوة الكويتيين من التجار الكبار هم من يجلس معهم .
وقد لحظ الجميع أن الرجل يثير في النفس أحاسيس متناقضة تجعلك تحسه حين يحادثك بأنه محنك لأقصى درجة رغم محاولته إخفاء ذكائه وثقته بنفسه وتواضعه الذي لا يخفي خفة دمه وسرعة إستيعابه لمستوى الموجودين . ففر من الطاولة تلك وحط على طاولة فقراء ومساكين . أحد الموجودين علق فقال " الرجل خائف أن يجلس مع الأغنياء فيصاب بعدوى "
آخر أخبار أبو هادي أنه ينام قليلا ويقوم كثيرا وأنه صائم منذ اليوم الأول لتهجير المدنيين مساواة لنفسه بهم ( تذكرون ظهوره التلفزيوني وفمه الجاف ) وأنه ينام على حرام يغطي الأرض التي يتمدد فوقها لساعات قليلة عليه ويرفض النوم على سرير أو حتى فوق فراش من الإسفنج .
حسن نصرالله السياسي العربي والمطلوب رقم واحد لأسرائيل وللسعودي بندر بن سلطان جزار بئر العبد، إستقبل الأخير بكل لياقة في زيارة له إلى "الشورى" ولكنه لم يرتح له ولم يبتسم ابدا فوجه بندر ذكر السيد بالمتفجرة التي وضعتها السي أي أيه بتمويل من بندر نفسه .
الزعيم حسن نصر الله يفاوض في إجتماع ويتابع التفاصيل في إجتماع آخر وبين هذا وذاك يتابع قراءة دعاء يقطعه تطور يستدعي معالجة منه ثم يعود إلى دعائه وصلاة نافلة تقربا إلى الله ..
يقول عنه المقربون أنه يعرف ما الذي يمثله شخصه ولكنه لا يستمتع به ولا يفخر بل يخافه ويتهيب المسؤولية فهي ضخمة وتستدعي التهيب للحظات . يقولون أيضا أنه تغير منذ العام أثنين وتسعين ، صار أكثر روحانية وعرفانا وقربا إلى الله يحسم الأمور القيادية بلا تردد ولكنه لا يمانع في عقد قران عروس على عريسها ممن يطلبون منه ذلك ويمازح ويبارك لهما بأطيب الكلمات توددا ثم يعود للعمل الذي جعل بوش يصاب بالفتاق ورايس بنشاف الرحم وعمير ميريتس وأولمرت بالإسهال .
إسرائيل تقصف بيوت الفقراء بحثا عن نصرالله وهو هناك فوق تلال الجنوب ووديانه حاملا كفنه مطمئنا على كهوف المقاتلين وأنفاقهم و مشجعا هذا مدللا ذاك من رجال الله في لبنان .
مشكلة السيد حسن أنه حنون زيادة عن اللزوم في الأمور المتعلقة باللبنانيين وخصوصا خصومه الداخليين ، فهم شركاء في الوطن وذلك كاف لأبن جبل عامل ليحفظ ودا في مكان ما لمن يمني النفس أن يستفيقوا من عمالتهم قبل فوات الآوان .