السلام عليكم ..
في صباح يوم شتائي .. على شاطئ اكتسى لونا ذهبي .. اسقطت جسدي على رمل بحري .. لاطلق زفرات عليلة من انفاسي .. لتبدا حكاية حلمي .. الذي اخذت ارسمه على تلك السماء بخيالي .. واكتب على تلك الرمال بكل شغف لتحقيقه ..
لم اكمل نسج خيوطه .. الا ورايته بعيناي يرتطم على رخام الواقع بكل قوة وانا ارمق اجزاءه بعبرة تخنقني ..
بكيت .. تالمت لرؤية جريمة الواقع ذهب ضحيتها حلمي ..
غربت الشمس .. اختفى ضياءها .. وتلاشى معها حلمي ..
اصبح السكون يهيمن على كل شيء .. حتى كياني .. ساده الصمت ..
تمنيت ان يعود الماضي .. حتى ابتعد واتجنب حلما اكبر مني .. اعيشه .. اشعره .. واوهم نفسي باني ساحققه ..
ولكن صعب ان يحيا الامس .. وقد سبق ان دفن بمقابر الماضي ..
فجاة ..
صوت وقع اقدام اتية .. ايقظتني من حزني .. قطعت صمت حدادي على حلمي ..
رجل في الخمسينيات من عمره .. يحمل قنينة .. يتقدم بخطواته شيئا فشيا الى البحر .. في عيناه نظرات يتلالا بسوادها شيء من البهجة والسرور .. يرفع يده التي امسك بها القنينة .. يارجحها في الهواء .. ومن ثم يرميها بكل قوة في البحر ..
حول نظراته الي بعد ان كان ينظر الى القنينة وهي تبتلعها الامواج الهادئة .. توقف ليرمقني لدقيقة ثم قال .. " تحلم بكل براءه" ..
تعجبت مما قاله .. نظرة الى عيناي كشفت ما احويه ..
بني .. قال لي ..
اعلم انك تعجبت .. ولكن لا داعي لذلك .. فقد توسدت هذه الرمال كثيرا قبلك ..
ارايت تلك القنينة التي رميتها وبدات ترحل في البحر ..
بباطنها تقمع احلامي .. كتبتها .. كل حلم حملته اجنحة ورقة .. ولكن خذلت من الواقع مرات عدة ..
لم اجد منفسا لي ولحزني الا اوراقي وقلمي .. فبدات اكتب كل حلم .. ولكن بعد ان يقتل اتوقف عن خطه .. واطوي الورقة .. ولا اعود اليها .. حتى امنع ان يكون اثر منها على صفحتي الجديدة بحلمي الجديد .. تمنيت ان انهي واحدة من تلك الصفحات .. ولكن تبقى هناك اسطر فارغة بنهايتها .. لم تملاها احلامي .. بل ملاتها ادمعتي ..
احلم ولا انهي الرواية دوما ..
صبرت وصبرت وانا اكتب واطوي .. حتى اتى يوم واكملت صفحتي .. حققت حلمي .. حققته بعزمي وارادتي وثقتي بنفسي .. وها انا قد لملمت صفحاتي القديمة المهترئة وادخلتها بتلك القنينة .. ورميت بها للبعيد ..
اعرف الكثير من البشر خاضوا بعالم الاحلام .. وبمجرد انهم ذاقوا صفعة يد الواقع بداوا يخشون الاقتراب من هذا الشاطئ .. فلا تكن منهم ..
الحياة مستمرة .. والايام قادمة .. والشاطئ باق .. والبشر هم البشر .. سياتي من يجلس على هذه الضفة .. ليبدا عزف مقطوعة حلمه بكل براءه ..
وما ادراك .. ربما كنت انا واحد من هؤلاء البشر .. !!
تلك الاقصوصة .. لم يروها لساني .. ولكن قراتها من ورقة عذبها كتم انفاسها بداخل بلورة احتضنتها رمال الشاطئ بعد ان اعيتها البحار ..
لم تكن ورقة .. بل كانت اوراق متشبثة بعضها ببعض ..
ابتسمت وانا اقلبها واقرا احرفها .. ابتسمت اكثر عندما علمت انها قد قطعت رحالها بين الامواج .. لتعطيني درسا ..
بعدها .. تساءلت ..
هل بمقدوري حقا ان ارسم بعضا من الوان احلامي على لوحة واقعية .. !!