• أعضاء ملتقى الشعراء الذين لا يمكنهم تسجيل الدخول او لا يمكنهم تذكر كلمة المرور الخاصة بهم يمكنهم التواصل معنا من خلال خاصية اتصل بنا الموجودة في أسفل الملتقى، وتقديم ما يثبت لاستعادة كلمة المرور.

حقيقة الغضب

إنضم
17 يناير 2006
المشاركات
49
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
في قلب النقط حروف
[frame="1 80"]
981973373.gif



حقيقة الغضب
مقدمة
الغضب غريزة كامنة موجودة في النفس، وتتبلور هذه الغريزة في آفاق متعددة، فتكون تارة حميَّة، وتارة غيرة ..، وقد تتطور في الاتجاه المعاكس فتكون تارة حسداً، وتارة عدواناً ...
فما الذي يجعل من الغضب حميِّة في موقع وغيرة في موقع آخر، وينقلب في مواقع أخرى إلى عدوان وحسد وبغض ؟
عندما نمعن النظر في أية ظاهرة من ظواهر الغرائز والسلوك فإننا سنراها كشبكة متفرعة تتصل بعضها فتتداخل، وتختلف مسميات الغريزة حسب طاقة الفرد وقدرته على تطوير الغريزة لديه، وهو أمر لا يحتاج إلى برهان بل مشاهد وملموس بالوجدان .. فالحليم – مثلاً – لا يُعدم من الغضب البتة بل أنه من واقع حلمه وضبط سلوكه يتجلى غضبه في المواقع الحميدة من حمية وغيرة وما عداهما، بخلاف غير الحليم فقد يتطور غضبه من الحالة السوية إلى مرض يخرج به إلى الانحراف في السلوك والطبائع فيكون حسداً أو بغضاً أو غيرهما.
وإذا أردنا أن نؤرخ لتعريف علماء الأخلاق المسلمين للغضب كظاهرة سلوكية فإننا سنجدهم يصدرون في تعريفهم للغضب عن العلامة الغزالي وخاصة في كتابه الذائع (إحياء علوم الدين).
فأنت عندما تقرأ ما كتبه كل من: الفيض الكاشاني في (المحجة البيضاء)، وابن قدامة المقدسي في (مختصر منهاج القاصدين)، والعلامة النراقي في (جامع السعادات)، والشيخ عباس القمي في (سفينة البحار)، والسيد عبد الله شبر في (الأخلاق)، وغيرهم تراهم أجمعوا على ما جاء في الإحياء للعلامة الغزالي.
ونكتفي بما أورده الفيض الكاشاني (قده) حيث قال يصف الغضب: "الغضب شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة إلا أنها لا تطّلع على الأفئدة، وإنها لمستكنة في طي الفؤاد إستكنان الجمر تحت الرماد، ويستخرجها الكبر الدفين من قلب كل جبار عنيد، كما يستخرج الحجر النار من الحديد. وقد انكشف للناظرين بنور اليقين، أن الإنسان ينزع منه عرق إلى الشيطان اللعين، فمن استفزته نار الغضب فقد قويت فيه قرابة الشيطان".
ولحدوث الانفعال شروط ثلاثة:
1 ـ المنبّه أو المثير . وقد يكون (خارجياً) مثل سماع خبر مفرح، وقد يكون (داخلياً) كتذكر حادثة مؤلمة.
2 ـ كائن حي إنساني بتكوينه العصبي الراقي وبخبراته السابقة، بحيث يستقبل المثيرات المختلفة.
3 ـ الاستجابة الانفعالية بمصاحباتها الوجدانية كالفرح أو الحزن وما يترتب على ذلك من تغيرات جسمية داخلية (كسرعة دقات القلب) وظواهر سلوكية خارجية (كاحمرار الوجه) .
وفي رواية عن الرسول (صلى الله عليه وآله): " اتقوا الغضب فإنه جمرة في قلب ابن آدم ..."
وعن أبي حمزة الثمالي، عن الإمام الباقر u قال: " إنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم وإنّ أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ودخل الشيطان فيه ..."

وهناك عدة روايات أيضاً تلتقي في جوهرها مع هاتين الروايتين والتي يمكن أن نستخلص منها أمرين مهمين يرتكز عليهما محور الغضب في روايات المعصومين (عليهم السلام) :
1 ـ أنّ محل قوة الغضب هو القلب.
2 ـ مفتاحٌ لبابِ شرٍ يدخل منه الشيطان على الإنسان.



فما المقصود من القلب ؟
وما المقصود من الشيطان ؟
وربما قادنا البحث إلى أن هذه العلاقة ذكرت أيضا في كتب الحكماء الأقدمين قبل الإسلام، وكان تعبيرهم مقترناً كثيراً بكلمة (الشيطان)، كفاعل في تهييج الأمزجة وخاصة عند صاحب المزاج الناري ـ إن صح التعبير ـ كما نلاحظ هذا التعبير واضحاً في آراء وروايات كتب أهل السنة أيضاً، مما يدلل لنا على أن منبع هذه الفكرة ذو جذور عند الأقدمين.
فأنت تقرأ في كتب أهل السنة ـ على سبيل المثال ـ:
" الغضب من الشيطان" .
" الغضب ميسم من نار جهنم "
وتقرأ أيضاً في مقولات حكماء العالم القديم:
" الغضب شيطان الفضاضة ".
" قوة الغضب الحقد، ومأواه اللجاجة والحرص، ومن ذخائر الشيطان اللجاجة والحقد ".
ومن هذا المنطلق نهيئ أنفسنا للوقوف أمام هذين الأمرين المهمين لندرس ما جاء في كتب الحديث عنهما حتى يتسنى لنا تعبيد الطريق لمعرفة هاتين الركيزتين اللتين لم تطرحا عبثاً واعتباطاً، بل انطلاقاً من النظرة الإلهية الشمولية لواقع الإنسان، وعلينا ـ بما أننا مسلمون ـ أن نقتنع بما جاء عن الشرع المقدس لاعتقادنا الجازم المتفرع عن دليل التوحيد، بأنه متى صح هذا من ناحية علمية شرعية، لزم اعتقادنا به لأنه من خالق الإنسان ـ وهو الله تعالى ـ وهو أعلم بتركيبه وما فيه من أسرار، وخفيات هي غيبيات بالنسبة لنا .

الآثار الناجمة عن الانفعالات الغضبية في نفس الإنسان:
1 ـ تغير لون الوجه بسبب تصاعد الدم فيه، وحدوث رعشـة في عموم الجسم، وخروج الأفعال عن نظام الترتيب.
2 ـ إظهار المساوئ، والشماتة والاستهزاء، وإفشاء الأسرار حيث يصل معها إلى هتك الستر للسخرية والتندر.
3 ـ فلتات اللسان بما لا يليق من الكلام .. ومما يشهد له التأريخ في هذا توثب أم المؤمنين السيدة عائشة وكان ما كان من قولها: "اقتلــوا نعثلاً فقد كفر".
وقد أشار أمير المؤمنين u بهذا في كتابه لأهل الكوفة عندما خرجت السيدة عائشة لقتاله، قال u: " أما بعد فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه كعيانه ..، وكان من عائشـة فيه فلتة غضب، فأتيح له قوم فقتلوه".
4 ـ توثب الأعضاء بالضرب والجرح والتمزيق .. حتى أنه لينال من أقرب الناس إليه كولده وزوجته.
5 ـ ذهاب السكينة والوقار من الإنسان.
6 ـ وقد يصدر منه علاوة على بعض الحركات القبيحة والمستهجنة والتي هي من أفعال الصبيان أو المنحرفين أن يقوم بكسر الأواني أو تمزيق أوراقه المهمة أو يقوم بضرب الحيوان والتخاطب معه بصورة خالية من التعقل.
7 ـ ويصل في حالة العجز عن التشفي إلى أن يؤذي نفسه بخمش وجهه أو جرح عضو من أعضائه تنفيساً لحالة العجز تلك.
8 ـ قد تؤدي الانفعالات الغضبية إلى أمراض اجتماعية على صعيد الأسرة أو المجتمع بفعل توفر مناخ العداوة والنفور والبغضاء بين بعض الأفراد.
9 ـ لقد كشفت التجارب النفسية والفسيولوجية من وجود آثار صعبة سيئة لمن يخضع لحالات طويلة من الانفعالات الحادة كالقلق والغضب والتوتر، وذلك لأن تعرض الإنسان لحالات شديدة من الانفعال يؤدي إلى زيادة إفرازات العصارة المعدية في بطنه، وهذه الإفرازات عبارة عن عصارة حمضية، تؤدي كثرتها إلى تآكل جدران المعدة أو الأمعاء، فيحدث نتيجة لذلك جروح مبتلة بجدران المعدة، تتحول إلى قرح، وهي قرحة المعدة أو القولون أو الاثنى عشر.
نحصر أسباب الغضب في ثلاثة:
1 ـ أسباب داخلية عضوية:
ونقصد به ما يطرأ على الجسم من اختلال عضوي كالعاهات والتشوهات الخَلقية، وخاصة المزمنة منها، فإنها قد تؤثر في النفس وتساعد على انحرافها، وتسيطر هذه المؤثرات بصورة فعالة عند أصحاب النفوس (الحساسة)، فتكون في كثير من الأحايين في معرض مقارنة بين ما هو عليه من اعتلال وتشوه خلقي وبين ما يتمتع به أقرانه من صحة وسلامة.
وإن كانت هذه لا تؤخذ كقاعدة مسلمة إذ هناك كثير من الناس أبدعوا برغم عللهم وأمراضهم المزمنة، إلا أننا نقول إن العاهة أحد أسباب التوترات الانفعالية ـ ومنها الغضب ـ الذي يفرغه المصاب بسبب العجز الذي يصاحبه من فقدان الشعور بإحساس الرضا، إما لكونه شخصاً لا نفع فيه بسبب عاهته، أو لأنه لا يصل إلى مستوى لياقة الآخرين من نظرائه.
2 ـ أسباب خارجية اجتماعية:
وتتحدد هذه الأسباب بدور الأسرة، والعادات، والتقاليد، والمحيط، والبيئة، والثقافة ... وغيرها. وهذه الآثار ضرورة يتلبس بها الفرد لأنها جزء من ظواهر حياته التي يتفاعل معها، فلها مسؤولية مشتركة في تطبيع سلوك الإنسان إلا أنّ جانب التأثير يختلف من عامل لآخر.
أولاً: الأسرة:
وكلنا يعلم أنه بالرغم من صغر حجم الأسرة إلا أنها تعتبر أقوى نظم المجتمع. فهي النظام الذي عن طريقه نكتسب إنسانيتنا، كما أنه لا يوجد طريقة أخرى لصياغة الإنسان سوى تربيته في الأسرة. فهي المهد الحقيقي للطبيعة الإنسانية، والتجربة الضرورية لتحويل المولود إلى مخلوق إنساني يعيش في انسجام مع الآخرين.
ويسهل للأسرة كثيراً من الوظائف الأساسية التي تدخل في نطاق اختصاصها. كالوظيفة الاقتصادية، ووظيفة منح المكانة، والوظيفة التعليمية، ووظيفة الحماية، والوظيفة الدينية، والوظائف الترفيهية ... وبفقدان هذه الوظائف تتعرض الأسرة لمظاهر التخلل البيولوجي والنفسي.
فالأبوان لهما كبير الأثر في السلوك الانفعالي، ولذلك نشاهد أول دور يتلقى فيه الطفل صدمته الأولى في عمليات الإحباط والقمع من الأبوين والتي هي من الأسباب المباشرة للغضب ومن ثم يتطور إلى سلوك عدواني.
ثانياً: مشكلة الأبناء:
وتتمثل في انعدام الثقة والترابط بينهم، وأبسط مثال يقع هو تفضيل أحد الأبناء على الآخرين فإن المظاهر الانفعالية بين الطرفين ستتأزم وتأخذ صورها في أدوار غضبية وخاصة من طرف غير المرغوب فيه أو المفضل عليه مما يؤدي إلى نشر العداوة بين الأطراف.
ثالثاً: مشكلة العادات والتقاليد:
فالعادات متصلة الواحدة مع الأخرى اتصالاً اجتماعياً بحيث تكون نظاماً متماسكاً يفسر الشيء الكثير عن أسرار وحقيقة المجتمع . ونحن بطبيعة الحال لا نستطيع مشاهدة التقاليد بل مشاهدة حالات السلوك الإنساني، أي أنماط السلوك التي تتأثر بدوافع وعوامل الخبرات السابقة والعراقيل التي تقف أمامه.
ولا شك أنّ العراقيل التي تقف أمام تطور الإنسان، وتحاول أن تسلخه عن مواكبة أي تطور، تأخذ صورها بشكل انفعالات غضبية تمثل حالة الرفض بين الطرفين مما يورث سلوكاً عدوانياً بينهما. فقد ورد عن أمير المؤمنين u: " أصعب السياسات نقل العادات "
رابعاًً: مشكلة الثقافة:
لا ينكر أحد دور الثقافة في تجنب كثير من الأخطاء لما يملكه الفرد من رصيد علمي عن واقعية الحياة النفسية والتربوية والاجتماعية، ومدى وقوفه على حل قضاياه حسبما يقتضيه العلم الصحيح .. وأما غير المثقف فان المناعة عنده ضعيفة، ومن هنا نراه يعالج القضايا بصورة ساذجة، أو بصورة خاطئة، وقد تدفعه الأخطاء إلى تلفظ الكلمات البذيئة، أو القيام بحركات انفعالية تنم عن الغضب والحنق، لقصوره عن أداء أموره بصورة لائقة مهذبة.

3 ـ أسباب مشتركة:
بحيث يكون التأثير بأسـباب متعددة في فرد واحد، وكثير ما تتداخل الأمراض والعوارض بعضهـا مع بعض فتسـبب مرضاً واحداً .
[/frame]​
 
وللحديث بقية،،،

[frame="1 80"]صلى الله عليكِ يافاطمة الزهراء،،

العــــــلاج
نقرأ في كتب الأدب بيتين من الشعر ذائعين ومشهورين ينسبهما البعض إلى الإمام علي u وهما:
دواؤك فيـك وما تشــعر وداؤك منــك وما تبصــر
وتزعـم أنـك جرم صغير وفيك انطـوى العالم الأكبر
فالخالق عز وجل أودع فينا طاقات وقدرات شتى في وحدة بنائية متجانسة ومتناسقة. فما اختلاف أجهزة الإنسان إلا للاستفادة من فعالياتها، فلو حصل نقص في الأداء الوظيفي عند أحدها، قام غيره بمضاعفة مجهوده الوظيفي ليتهيأ الإنسان لقبول هذا النقص الطارئ بقوة وصلابة.
فجهاز الإنسان له مرونة في طرد بعض الأمراض بواسطة أجهزة الحماية التي خلقها الله سبحانه، وإن كان الإنسان بطبعه يحتاج إلى مباشرة الطبيب ليأخذ بيده إلى العلاج المفيد.
كذلك الأحوال النفسية يصيبها الخلل فتمرض فتحتاج بدورها إلى إرشاد طبي حتى تتقوم وتصح. والأمراض النفسية بطبيعتها أعقد من الأمراض الجسدية لأنها خبيئة في دخائل الإنسان فتحتاج حينئذ إلى طبيب حاذق يتصيد العقدة بمهارة كي يفلها ويتخلص الفرد من شباكها.
وقبل مراجعة أنواع العلاج، نطرح سؤالاً يهمنا معرفة إجابته وهو: هل يمكننا أن نقلع الغضب عن أنفسنا كلية أم لا ؟
فالعلامة الغزالي تنبه إلى هذا الفرض وأجاب عليه قائلاً: "اعلم أنه ظن ظانون، أنه يتصور محو الغضب بالكلية، وزعموا أن الرياضة إليه تتوجه، وإياه تقصد، وظن آخرون أنه أصل لا يقبل العلاج، وهذا رأي من يظن أن الخُلق كالخَلق، وكلاهما لا يقبل التغيير، وكلا الرأيين ضعيف، بل الحق فيه ما نذكره وهو أنه ما بقي الإنسان يحب شيئاً ويكره شيئاً فلا يخلو من الغيظ والغضب، وما دام يوافقه شيء ويخالفه آخر فلا بد من أن يحب ما يوافقه ويكره ما يخالفه والغضب يتبع ذلك…"

طرق العلاج:
1 ـ العلاج الوقائي:
ونقصد به الحصانة الأولية، والتي تأخذ دور التوجيه بحيث تعدِّل في مجرى الغرائز حسب أساليب التوجيه أكثر من اعتمادها الكبت والقمع. وهو عبارة عن تطوير الإرادة البشرية وفق تعديل السلوك الإرادي لكي لا ينحرف تحت تيارات السلب بأن يوجه الإنسان إلى هناك معنى وهدفاً للحياة، وأن الإنسان باستطاعته أن يتغلب على أي قوى تحاول أن تحدد قدره ومصيره خارج إرادته وحريته.
يقول مارسيل آشار: "عندما أفكر بيني وبين نفسي صباحاً أنه لا يقتضيني وقت لتعكير مزاجي بنفسي، فإني أقول لنفسي إنه لا يقتضيني حقاً جهد أكثر لأكون رائق المزاج"

ويتم عن طريق ذالك/
أـ التوجيه الديني:
بأن يتلمس الإنسان عظمة الدين في تعديل الغرائز والسلوك والحد من تطرفهما عن المسار الصحيح، فالحياة تحت مظلة العقيدة الدينية تؤمن للفرد الرقابة الذاتية والالتزام بمبدأ المسئولية. يقول تعالى: ) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ


ب ـ التوجيه الفكري:
وهو توجيه يهدف إلى تنمية عقل الإنسان وتفكيره وتأصيلهما في كل عمل من أعمال الإنسان، وصدّ باب الطمع والهوى عنده .. والنداءات الربانية تحث على التفكير والتأمل والمعرفة ونبذ أي سلوك يؤخذ من دون وعي وفهم وبيان. ومن هنا نلاحظ مفردات عديدة في كتاب الله تعالى: ( أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
وعن أمير المؤمنين u: " العاقل من غلب هواه "

ج ـ التوجيه الأخلاقي:
اهتم الإسلام بشكل أساس بالأخلاق وتربية الضمير الذي يوجه الإنسان نحو الاستقامة. فنحن عندما نلاحظ الكائن البشري نجده يحمل غرائز وشهوات ومطامع لا تعرف لها حدوداً، ولو ترك الإنسان وشأنه أسير شهواته وغرائزه ومطامعه لتضاربت المصالح والمطامع ولعجز عن الوصول إلى هدفه السامي.
والأخلاق هو جوهر السلوك الإسلامي ومصداق ذلك قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "، فجعل الرسول (صلى الله عليه وآله) البناء الأخلاقي وسيلة جوهرية للوصول إلى الغايات العليا.. ونرى ذلك واضحاً جلياً في القرآن الكريم أيضاً حيث يقول تعالى: ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

د ـ التوجيه العقائدي:
لا شك أن للتوجيه الفكري والعقائدي أثره على سلوك الإنسان. فإنّ حياة وسلوك الإنسان الملحد على طرفي نقيض مع حياة وسلوك الإنسان المؤمن.
فالقضاء والقدر ـ مثلاً ـ يقرّب الأبعاد ويختصر المسافات في إزالة أمراض فكرية مشبعة بالأفق الضيق مثقلة بغمام الحيرة ليعيش الاطمئنان والسلام النفسي .. فالإنسان إذا آمن بالموت وعرف قصر الحياة فسوف يهدأ عن غضبه لأنه موقن بالانتقال عن الدنيا، وإذا أيقن الإنسان أن الله سينتقم له ممن ظلمه يهدأ غضبه وثورته، وإذا عرف أنّ غضبه لن يغير الواقع بل إنّ قلم القضاء والقدر جارٍ في الواقع سواء غضب أم لا تراجع عن غضبه.

هـ ـ تربية النفس على الاطمئنان والهدوء:
عندما نتذكر الغضب والعدوان والبغض نتذكر فيها مرض القلب ونقصان العقل الصادر عن ضعف النفس، ونلاحظ أن المجنون أسرع غضباً من العاقل، والمريض أسرع غضباً من السليم، والشيخ أسرع غضباً من الشاب، والمرأة أسرع غضباً من الرجل، وصاحب الرذائل أسرع غضباً من صاحب الفضائل ... وهذا كله خارج عن قانون الاطمئنان النفسي.
فالنفس المطمئنة قوية وتتصف بإيجابيات متعددة وهي أجلّ من أن تتغير وتضطرب لأتفه الأسباب، وعن الرسول (صلى الله عليه وآله: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"


2 ـ العلاج الحسي:
المشاهد المحسوسة غالباً ما تكون معبرة ومحركة للخواطر، فيكون أثرها بالغاً في النفس حيث تتفاعل معها أكثر من انفعالها بالقضايا غير المحسوسة. وقد عالج الأخلاقيون المسلمون كثيرا من الأمراض النفسية بطريقة المشاهدات الحسية وان كان جل اهتمامهم في ذلك يعتمد على أخذ العبر والموعظة من التاريخ الاجتماعي لأخبار البشر، ويتصيدون المواقف المعبرة للتجلي بوضوح أمام المريض ليجدد أمله أمام هذه الصور وإفراغ أحاسيسه معها .


3 ـ العلاج الروحاني:
وهذا النوع من العلاج يهدف منه المنظِّر الإسلامي إلى توعية النفس وتذكيرها بما يؤول إليه قباح البشر، وتخويفها تخويفاً إيجابياً بحيث يحفز فيه البناء، وهو نوع لا يصلح معه إلا أصحاب النفسيات الطيعة اللينة الخالية من مركبات الأهواء، البعيدة عن رواسب الجهل المركب.
ولا شك أنّ الحوافز الروحية أقوى تأثيراً من الحوافز المادية ولهذا يخطأ كل من ينظر إلى ضعف الحافز الروحي وعدم جدواه، بل نقول إنّ الحافز الروحي يستمد قوته من قوة المنهج الذي يستند إليه ومن قوة المرشد الذي يبث في نفس المريض العلاج الصحيح.
ولهذا العلاج نوعان:
أ ـ التذكير بالله:
لا شك أنّ استجابة المؤمن لذكر الله تأتي نتيجة لدرجة وعيه بمقام عبوديته للخالق عز وجل .. ونلاحظ أنّ المسلمين ركزوا في هذا المقام التذكير بعقاب الله وأنّ العالم في قبضته، والإنسان أحوج إلى العفو منه إلى السخط فقد قال تعالى: ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

ب ـ الدعاء:
هو نوع خاص من الذكر حيث يبث الإنسان إلى ربه ما يشكوه وما يعانيه من مشكلات تقلقه وتزعجه، والإنسان في هذه الحالة من الاسترخاء النفسي والهدوء العقلي يرتبط ارتباطاً بهما بحيث يحاول أن يبتعد عن مصدر قلقه وانزعاجه.
ومن الملاحظ وجداناً أن كثيراً من مشكلات الإنسان تتحسن إذا أفضى بها لصديق حميم، أو لرجل قدير، فما هو شعور الإنسان عندما يدرك أن مناجاته ومعاناته أفضى بها لله سبحانه وتعالى، وهو الذي وصف نفسه عز وجل: ) وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ)
ولهذا كان الدعاء في نظر المشرع الإسلامي مخففاً لمعاناة الإنسان، ورافعاً لهمِّ الإنسان وقلقه.. فعن الإمام علي بن الحسين u: "إنّ الدعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة، إنّ الدعاء ليرد البلاء وقد اُبرم إبراماً"[1][


علاج خاطئ:
في مجتمعنا الراهن أمور تحتاج إلى التفات وتدارك بشأن ما يفعله البعض منهم خاصة الشباب من مقابلة الإساءة بالإساءة، ويعتبرون هذا العمل رجولة وفتوة، وهو ناتج عن قصور في إدراك حقائق المعاملات صحيحها وسقيمها مما تجر ويلاتها على الناس بلا حدود أو ضوابط. وهذا الأمر يكثر في الأوساط غير المثقفة والتي تعاني نقصا في التربية والتعليم.
ومن هنا يكون التناقض الصريح لمن ذهب إلى أن الغضب جزء من الشجاعة، وهذا جور وخروج عن الاعتدال السوي. " ولذلك لا ينبغي أن نسميه بأسماء المديح، وأعني بذلك قوماً يسمون هذا النوع من الجور ـ أعني الغضب في غير موضعه ـ رجولة وشدة شكيمة ويذهبون به مذهب الشجاعة التي هي بالحقيقة اسم للمدح وشتان ما بين المذهبين".
والأمَّر من ذلك ما يعتقده "كثير من الناس ـ وهم على خطأ ـ أنّ العدوان هو الوسيلة الوحيدة لتهدئة الغضب، وهذا غير صحيح فقد بينت الأبحاث التي أجراها جاك هوكانسون وزملاؤه أن معتقدات الفرد تؤثر على نوعية الأسلوب الذي يتبعه ليقلل من التوتر المصاحب للغضب وتوحي هذه الدراسات بأن أي رد فعل يرتبط بتجنب العدوان من قبل الآخرين يمكنه أن يقلل من الغضب.. وعلى أي حال فالعدوان هو رد فعل شائع للغضب ومن الأشياء التي تؤدي إلى الغضب ومن ثم تثير العدوان والإحباط والألم الجسدي والتقريع والإهانة والتهديد"
ونحن لا نستغرب من رد فعل الناس تجاه الغضب ومقابلتهم له بالعدوان بأكثر مما نستغربه من قول باحثة معروفة كـ(هورني) التي تطالب بالرد على العدوان لأنه يساهم في خفض التوتر من الأعماق في حين يطالب المشرع الإسلامي بالعفو والتسامح لإزاحة البقايا من الأعماق، والفرق واضح وجلي بين القوانين الأرضية وبين القانون الإسلامي .

فالمشرع الحكيم يقول في كتابه العزيز: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فالغضب لا يعالج بالغضب بل يعالج بالحلم والهدوء والصبر وقوة الإرادة.
وقد مرّ سابقاً نظرة أمير المؤمنين u في توجيه الغرائز لتؤدي وظيفتها بإسلوب إنساني يخدم أفراد الأمة ولم يحبذ كبتها أو قمعها.. وهذا هو بيان الإسلام ونظرته الذي يستمدها من هدي القرآن والسنة النبوية الشريفة.


المصدر/كتاب الغضب
دراسة معرفية موضوعية إسلامية

حسين علي المصطفى

نسألكم أحر الدعاء
خادمتكم
الزهـــــــــــــــــــــــ سفــــــــــــــــيرة ــــــــــــــــــــــراء
[/frame]​
 
رد: حقيقة الغضب

الغضب غريزة موجودة في كل انسان .. ما يقدر يتخلى عنها
في بعض الاوقات يكون الغضل له تاثير سلبي والبعض الاخر يكون ايجابي

موضوع رائع اختي
دمت متألقة
 
عودة
أعلى