• أعضاء ملتقى الشعراء الذين لا يمكنهم تسجيل الدخول او لا يمكنهم تذكر كلمة المرور الخاصة بهم يمكنهم التواصل معنا من خلال خاصية اتصل بنا الموجودة في أسفل الملتقى، وتقديم ما يثبت لاستعادة كلمة المرور.

طوفان بحر وانسان ..

أشلاء روح

مشرفة الملتقى الطلابي
طاقم الإدارة
إنضم
9 يوليو 2006
المشاركات
3,831
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
124
الإقامة
بين الحلم واليقظة
السلام عليكم ..

كنت اعيش حياة بسيطة للغاية .. وعلاقتي بمن حولي لا تتسم سوى بالالفة والحب .. شخصيتي دائما وابدا محبة .. لا تعرف سوى الخير وتمنيه للاخرين ..

هذه كانت ميزة .. ولكن لا اخفيكم سرا انها ايضا كانت نقمة في اوقات كثيرة .. فهذا الزمن بات معاديا لمن هو في مثل قلبي .. واصبح صديق كل مستغل ومنافق بالمشاعر والتعامل ..

احدثكم الان من فوق تل عالي .. جلست عليه وانا ضام ركبتي الى صدري في وضع جلوس .. وما حولي فراغ في فراغ .. لا يكسوه سوى صوت طيور تحلق فوقي .. واغصان الاشجار وهي تتمايل مع الرياح يمينا ويسارا ..

لا يوجد احد الى جواري .. او حتى قريب مني .. كيف ذلك .. ؟!

لنرجع قليلا الى الخلف بالذاكرة .. استيقظت في ذلك الصباح بشكل اعتيادي .. في نفس الوقت من كل يوم .. والامور تبدو طبيعية .. والدي قد اتجه الى عمله .. وامي تنهض لايقاظ اختي للذهاب للمدرسة .. ولكن ليس هذا المهم ..

نهضت من الفراش .. وبدات اليوم ببعض التمارين الرياضية .. والشمس كانت ساطعة مبشرة بيوم جميل .. ولكن .. لم يكن الوضع كذلك ..

فبعد استيقاظي بوقت بسيط .. واثناء ادائي لتمارين الصباح .. اذا برجة ضخمة تصيب المنزل وتهزه بعنف .. جريت الى نافذة غرفتي والقيت نظرة .. لاجد كل ماحولي وكانه وضع بخلاط كهربائي .. راحت الدنيا تهتز وترتج هائجة مائجة .. وسطح البحر قد على وكانه قادم لضرب مدينتنا البسيطة ضربة قوية .. رايت الناس جميعا يجرون في الشوارع .. لم اتحمل منظر بعضهم وقد سقط على الارض وسقطت فوقهم اكوام البيوت المحطمة .. رايت رجلا يجري حاملا حقيبة امواله .. وقد تبعته امه المريضة تصرخ خلفه .. لم يكن منتبها لها .. فكان الاهتمام منه للحقيبة .. و .. مهلا ..

اين امي واختي .. خرجت سريعا من ذهولي وتصلبي امام النافذة .. ركضت سريعا ابحث عنهما .. ولكني لم اجدهما .. لم اعلم ان كانوا قد هربوا او خرجوا قبل ان ادرك الامر .. اردت ان اتيقن .. بحثت في كل غرفة وذهبت الى كل ركن من المنزل .. لم اجدهما .. اتجهت الى درج المنزل لكي اسارع بالهروب .. ولكن كما يقولون ليس كل مايتمناه المرا يدركه .. انهار الدرج .. وسقطت .. وانقطعت الصورة من عيني .. وراحت الدنيا في ظلام دامس .. فقدت الوعي ..


"يبدو انك تستعيد وعيك .." .. فتحت عيني اثر سماعي لهذه الجملة .. وعقلي يصرخ بشدة من الالم الذي اشعر به في مختلف انحاء جسدي .. والاصوات متداخلة من حولي .. لم اتسطع ان اميزها .. ولكن ماميزته فعلا هو صوت شخص .. وفهمت ماقاله .. بدات افتح عيني تدريجيا .. اول ما رايته امامي هو منظر السماء الزرقاء .. صافية تسر الناظرين .. حاولت ان افهم الامر .. نظرت حولي .. وجدت ذلك الشخص يجلس الى جواري ارضا .. وانا مستلق .. بدت ملابسي رثة وحالتي سيئة .. استجمعت كل ما تبقى من قواي ونهضت جالسا .. تاملت طويلا فيمن يجلس الى جواري وسالت .. عفوا .. هل لي ان اعرف من انت وما الذي يجلسني هنا .. قال لي مبتسما .. يبدو انك لا تذكر ما اصاب بلدتنا ..

انعشت كلماته ذاكرتي وراحت تعرض امامي مشهد الزلزال والطوفان وما اصابني .. قلت بلى بلى اذكر .. ولكن ما الذي جرى بالضبط .. قال .. انا مثلك تماما .. لا اعلم .. نهضت بعد ان فقدت وعيي لاجد نفسى ملقى هنا .. وانت الى جواري ..

تاملته طويلا مندهشا من هذا القول .. فقلت له .. يبدو ان زلزالا كبيرا وطوفانا اصابنا .. ويبدو اننا بشكل او باخر انجرفنا الى هذا المكان المهجور الذي لا ارى فيه ملامح حياة بشرية .. اي اننا وحيدون .. قال لي وهذا ما توصلت اليه انا ايضا ..

يومين ونحن نقتات على النباتات .. وكل يوم ننام فيه اكثر من 15 ساعة .. كان النوم وسيلتنا للهروب من التفكير فيما هو قادم .. تاقلمنا انا واخي الجديد نسبيا على الوضع .. وصارت الامور بالنسبة لنا طبيعية تقريبا .. اصبحت انا بدل من اهله وهو بدل من اهلي .. بنينا كوخا بسيطا نقضي فيه الليل .. وفي النهار نخرج بحثا عن قوت يومنا ..

في احد الايام .. جاءت بشائر مجاعة .. بدات النباتات بالجفاف .. وبدى ان الامور ستزداد سوءا .. اتفقت انا واخي الوحيد ان نقوم بجمع ما نستطيع من النباتات بسرعة .. كمخزون اذا حدثت مجاعة .. وبالفعل .. جمعنا الكثير والكثير من الطعام .. وجاء اليوم الموعود .. جفاف كبير اصاب منطقتنا الصغيرة .. واصبحنا نتقصد في استهلاكنا للطعام .. ونقضي باقي اليوم شاردين بالطبيعة عسى ان ينسينا هذا الشرود والتشرد جوعنا وتوفيرنا للطعام .. ومن الاشياء الجميلة التي اكتسبتها من هذا التشرد هو انني كنت اتامل يوميا وابحث عن وضعي قبل الطوفان وبعده .. وكيف انني كنت مخطا في اشياء كثيرة لم انتبه لها الا بعد الطوفان .. تذكرت بعض من ظلموني .. وبعض الفاسدين ..

قلت محدثا نفسي .. هل الانسان يتعظ بعد المصائب .. وهل الانسان يتغير اذا اصابه الله سبحانه بمصيبه قد تعيده الى رشده .. وهل يختلف الانسان في وقت الرخاء عن الشدة ويصبح اكثر تقربا لله ..

عدت بعد هذا اليوم التأملي .. دخلت الكوخ البسيط لكي اكمل يومي مع الانسان الوحيد الذي اعرفه .. فلم اجده ..

نظرت الى داخل الكوخ .. لم اجد الطعام .. ادركت الحقيقه .. فقد اثر الطعام المتبقي لنفسه .. وهرب به بعيدا كما رايت من اثار اقدامه.. كي لا اشاركه فيه ..

اختفى تماما .. بلا عودة ..

الان تمت الاجابه على تساؤلاتي السابقة .. بكيت كثيرا .. وتالمت كثيرا .. امسكت عودا جافا .. واحضرت الواح شجر لانحت هذه القصه البسيطة عليها وانا فوق التل .. ضاما ركبتي الى صدري ..

مع تحياتي ..
أشلاء روح
 
مشاركة: طوفان بحر وانسان ..

فعلا كلمات جميلة وقصة جميلة ومؤثرة للغاية

الحياة قد تجرحنا وتجرحنا كثيرا وربما يكون الجرح من الناس المقربين لنا
الذين نعطيهم كل اسرارنا او من نأتمن اهم او من نثق فيهم بالاحرى

لهذا السبب يجب علينا ان نتمسك بكل أنسان مؤمن بالله ويعرف حق الأخوة والصداقة
يعرف معنى كلمة "صدق" "أخلاص " " وفاء " وغيرها من الكلمات التي بدأت تتلاشى شيئا ً فشيئ

شكرا لك اختي العزيزة وجزاك الله الف خير
وكم يشرفني ان ادخل صفحاتك التي توقعي فيها او التي تنشري عطرك وعبقك فيها فجزاك الله الف خير وبوركتي وبورك قلمك اخيتي
 
مشاركة: طوفان بحر وانسان ..

شكرا اخي على الكلمات المنيرة التي انارت لي صفحتي ..
 
عودة
أعلى