السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وكما كان سيف الحسين أطول سيوف الحق في التاريخ فإن راية العبّاس كانت ارفع رايات العدالة
وكما كان سيف الحسين أطول سيوف الحق في التاريخ فإن راية العبّاس كانت ارفع رايات العدالة فيه...
فلقد امتزجت تلك الراية بقلبه، وبمبادئه و قيمه و مثله العليا، لترمز إلى أن الإيمان بالحق وحده لا يكفي، بل لا بد من رفع رايته.
ورفع رايته لا يكفي، بل لا بد من الاستماتة من اجله.
والدفاع عنه لا يكفي، بل لا بد من الاستعداد لكي تقطع من حاملها يداه، وتقلع منه عينه، و يتلقى ضربة من عمود الحديد على قمة رأسه
عندما قُتل العبّاس، و انتهت المعركة بمقتل الحسين -ع- و جميع أصحابه، انتذب عمر بن سعد - قائد جند يزيد- عشرة من الخيالة لكي يسحقوا أجساد الشهداء، حتى لا تصبح لهم قبور فتتحول الى مزارات يحج إليها الناس من كل مكان..
غير ان الله تعالى - الذي أبى بعزته، إلاّ ان يدافع عن الذين آمنوا في الحياة الدنيا، و يوم يقوم الأشهاد - خيّب ظنون أولئك الطغاة..
فها هو مقام أبى عبد الله الحسين -ع- و مقام اخيه ابي الفضل العبّاس يقصدها كل عام اكثر من مليون شخص، يطلبون بذلك رضى الله تعالى في موالاة أوليائه، و البراءة من أعدائه، و يطلبون من روحيهما الشفاعة لذنوبهم، و يتلقون المعجزات في قضاء حوائجهم..
فالعبّاس تحوّل بالشهادة من شخص، الى شاخص.
و من مؤمن، الى رمز للأيمان..
و من بطل، الى نموذج للبطولات..
و الألوف الذين يزورنه على مدار الساعة إنما يرون فيه مثالاً لكل الفضائل، في أجلى صورها..
فقد اشتمل العبّاس -ع- بالوفاء، و اشتمل به الوفاء.. و تسربل بالإيثار، و تسربل به الإيثار.. و تخندق بالشجاعة، و تخندقت به الشجاعة.
فاصبح نموذجاً لبطولة الإيثار حتى الموت..
و بطولة الوفاء حتى الموت..
و بطولة المقاومة حتى الموت..
و اخذ ينتقل من جيل الى جيل، لَيس كتراث للإنسانية فحسب، بل كعامل مساعد للعالم كلما عصفت به أزمة المثُل العليا.
لقد كانت شهادة العبّاس قيمة استثنائية قلّما يحظي بها أحد. و لذلك فقد اصبح فضيلة قائمة بذاتها، كما اصبح عدوّه رذيلة قائمة بذاتها.
و ليس ما يردده زائره عند ضريحه بقوله: "أنا سلم لمن سالمكم، و حرب لمن حاربكم" إلا تأكيداً على هذه الحقيقة..
لقد اعتمد الطغاة على القتل كوسيلة للقضاء على الحسين و اخوته، و بنيه، و أصحابه، كأشخاص ..
و استنجد بجمهرة من وعّاظ السلاطين للقضاء عليهم كحاملي قضايا حقة..
و عندما حسموا المعركة في عصر يوم عاشوراء من عام 61 هجريّة، رقصوا على جثث أولئك الرجال، و عربدوا، واسكروا، ثم قطعوا رؤوس الشهداء، و حملوها مع أسرهم الى طاغية الكوفة عبيد الله بن زياد، و طاغوت الشام يزيد بن معاوية، و ظنّوا ان كل شيء قد انتهى لمصلحتهم..
غير انَّ الشهداء لاحقوا القتلة الى مضاجعهم، فإذا بلعنة الحسين و العبّاس تلحق بهم في كل مكان، فيلاقي أكثرهم الجزاء العادل، قتلةً بقتلة.. و مثلةً بمثلة، في دنياهم قبل ان تستلمهم ملائكة العذاب في أخرتهم.
ان الحسين -ع- و عضيده العبّاس اصبحا منذ ساعة مقتلهما رمزين شامخين لكل المناقبيات، و دخلا في ضمائر الناس، يدفعانهم الى التقوى و العمل الصالح، و الدفاع عن المظلومين، و مقاومة الظالمين..
لقد قُتِلا من اجل الحق.. وقاتلا من اجل العدل.. و أريقت دمائهما من اجل الإيمان.. فأصبحا رايتين، و شعارين، يتجاوزان الزمان و المكان..
ذلك ان شهادتهما كانت نتاج المواجهة بين المنطق الإلهي الذي يرى الدنيا بعين الآخرة، و يلتزم بكل الفضائل.. و بين المنطق المصلحي، الذي لا يرى الآخرة أصلاً، ولا يلتزم بأية فضيلة.
و تلك المواجهة لا تعرف حدود الزمان، و لا حواجز المكان.. لأنها مواجهة مستمرة منذ خلق الله الإنسان، الى نهاية البشرية، سواء في أعماق النفوس، او في داخل المجتمعات..
و كان للعبّاس دور كبير في تلك المواجهة..
فلقد مزّق، تحت قيادة الحسين -ع- خيوط العنكبوت التي نسجتها أيادي بني أمية، حول عقول الناس و ضمائرهم..
و اثبت بشهادته ان الجباه الساجدات لله، لن تخضع - مهما اشتدّ بها المقام- لطغيان الطغاة..
من كتاب العباس بطولة الروح وشجاعة السيف.. تاليف سماحة السيد هادي المدرسي
وكما كان سيف الحسين أطول سيوف الحق في التاريخ فإن راية العبّاس كانت ارفع رايات العدالة
وكما كان سيف الحسين أطول سيوف الحق في التاريخ فإن راية العبّاس كانت ارفع رايات العدالة فيه...
فلقد امتزجت تلك الراية بقلبه، وبمبادئه و قيمه و مثله العليا، لترمز إلى أن الإيمان بالحق وحده لا يكفي، بل لا بد من رفع رايته.
ورفع رايته لا يكفي، بل لا بد من الاستماتة من اجله.
والدفاع عنه لا يكفي، بل لا بد من الاستعداد لكي تقطع من حاملها يداه، وتقلع منه عينه، و يتلقى ضربة من عمود الحديد على قمة رأسه
عندما قُتل العبّاس، و انتهت المعركة بمقتل الحسين -ع- و جميع أصحابه، انتذب عمر بن سعد - قائد جند يزيد- عشرة من الخيالة لكي يسحقوا أجساد الشهداء، حتى لا تصبح لهم قبور فتتحول الى مزارات يحج إليها الناس من كل مكان..
غير ان الله تعالى - الذي أبى بعزته، إلاّ ان يدافع عن الذين آمنوا في الحياة الدنيا، و يوم يقوم الأشهاد - خيّب ظنون أولئك الطغاة..
فها هو مقام أبى عبد الله الحسين -ع- و مقام اخيه ابي الفضل العبّاس يقصدها كل عام اكثر من مليون شخص، يطلبون بذلك رضى الله تعالى في موالاة أوليائه، و البراءة من أعدائه، و يطلبون من روحيهما الشفاعة لذنوبهم، و يتلقون المعجزات في قضاء حوائجهم..
فالعبّاس تحوّل بالشهادة من شخص، الى شاخص.
و من مؤمن، الى رمز للأيمان..
و من بطل، الى نموذج للبطولات..
و الألوف الذين يزورنه على مدار الساعة إنما يرون فيه مثالاً لكل الفضائل، في أجلى صورها..
فقد اشتمل العبّاس -ع- بالوفاء، و اشتمل به الوفاء.. و تسربل بالإيثار، و تسربل به الإيثار.. و تخندق بالشجاعة، و تخندقت به الشجاعة.
فاصبح نموذجاً لبطولة الإيثار حتى الموت..
و بطولة الوفاء حتى الموت..
و بطولة المقاومة حتى الموت..
و اخذ ينتقل من جيل الى جيل، لَيس كتراث للإنسانية فحسب، بل كعامل مساعد للعالم كلما عصفت به أزمة المثُل العليا.
لقد كانت شهادة العبّاس قيمة استثنائية قلّما يحظي بها أحد. و لذلك فقد اصبح فضيلة قائمة بذاتها، كما اصبح عدوّه رذيلة قائمة بذاتها.
و ليس ما يردده زائره عند ضريحه بقوله: "أنا سلم لمن سالمكم، و حرب لمن حاربكم" إلا تأكيداً على هذه الحقيقة..
لقد اعتمد الطغاة على القتل كوسيلة للقضاء على الحسين و اخوته، و بنيه، و أصحابه، كأشخاص ..
و استنجد بجمهرة من وعّاظ السلاطين للقضاء عليهم كحاملي قضايا حقة..
و عندما حسموا المعركة في عصر يوم عاشوراء من عام 61 هجريّة، رقصوا على جثث أولئك الرجال، و عربدوا، واسكروا، ثم قطعوا رؤوس الشهداء، و حملوها مع أسرهم الى طاغية الكوفة عبيد الله بن زياد، و طاغوت الشام يزيد بن معاوية، و ظنّوا ان كل شيء قد انتهى لمصلحتهم..
غير انَّ الشهداء لاحقوا القتلة الى مضاجعهم، فإذا بلعنة الحسين و العبّاس تلحق بهم في كل مكان، فيلاقي أكثرهم الجزاء العادل، قتلةً بقتلة.. و مثلةً بمثلة، في دنياهم قبل ان تستلمهم ملائكة العذاب في أخرتهم.
ان الحسين -ع- و عضيده العبّاس اصبحا منذ ساعة مقتلهما رمزين شامخين لكل المناقبيات، و دخلا في ضمائر الناس، يدفعانهم الى التقوى و العمل الصالح، و الدفاع عن المظلومين، و مقاومة الظالمين..
لقد قُتِلا من اجل الحق.. وقاتلا من اجل العدل.. و أريقت دمائهما من اجل الإيمان.. فأصبحا رايتين، و شعارين، يتجاوزان الزمان و المكان..
ذلك ان شهادتهما كانت نتاج المواجهة بين المنطق الإلهي الذي يرى الدنيا بعين الآخرة، و يلتزم بكل الفضائل.. و بين المنطق المصلحي، الذي لا يرى الآخرة أصلاً، ولا يلتزم بأية فضيلة.
و تلك المواجهة لا تعرف حدود الزمان، و لا حواجز المكان.. لأنها مواجهة مستمرة منذ خلق الله الإنسان، الى نهاية البشرية، سواء في أعماق النفوس، او في داخل المجتمعات..
و كان للعبّاس دور كبير في تلك المواجهة..
فلقد مزّق، تحت قيادة الحسين -ع- خيوط العنكبوت التي نسجتها أيادي بني أمية، حول عقول الناس و ضمائرهم..
و اثبت بشهادته ان الجباه الساجدات لله، لن تخضع - مهما اشتدّ بها المقام- لطغيان الطغاة..
من كتاب العباس بطولة الروح وشجاعة السيف.. تاليف سماحة السيد هادي المدرسي