• أعضاء ملتقى الشعراء الذين لا يمكنهم تسجيل الدخول او لا يمكنهم تذكر كلمة المرور الخاصة بهم يمكنهم التواصل معنا من خلال خاصية اتصل بنا الموجودة في أسفل الملتقى، وتقديم ما يثبت لاستعادة كلمة المرور.

قصة الزوجة العذراء

مرام

New member
إنضم
23 أبريل 2005
المشاركات
399
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
العمر
35
مرحباااااا
اخواني واخواتي أعضاء منتدى ملتقى الشعراء

عندي قصة قرأتها والحقيقه اعجبتني وايد واتمنى انها تعجبكم
ولو سمحتوا انا راح انزلها على اجزاء .. اذا لقيت تفاعل منكم طبعا ..

تحياتي للجميع ..
اختكم / مــرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

نبدأ..

**********الجزء الأوال **********
وقفت أمام المرآة الكبيرة تمشط شعرها الأسود الكثيف.. إنها تستعد للذهاب .. لقد قررت أن تذهب وليحدث ما يحدث.. لن يحدث لها أكثر من ما حدث .. تطلعت إلى المرآة بيأس وهمست بحنق:
- لماذا يارب خلقتني هكذا ؟ .. دميمة .. لماذا لم تهبني ولو مسحة من جمال ؟ .. لماذا ابدوا إلى جانب أختي مريم كالقرد المشوه !!
لماذا هي جميلة وأنا لا ؟
وتحدرت الدموع على خديها لتغرق وجهها النحيل الأصفر.. ولكن لا.. قفزت بسرعة ومسحت دموعها بكفيها وهي تقول لنفسها بصوت خافت:
تنقصني الثقة بالنفس.. كلا.. أنا هكذا استعد للذهاب ثم أبكي وأبكي حتى لا تستطيع قدماي أن تحملاني ثم ارفض الذهاب وكأنني أخشى المواجهة.. كلا .. اليوم فقط يجب أن تكون لدي الشجاعة لأذهب وأواجه الجميع بدمامتي ولا يهمني ما سيقولونه عني..
في لحظات كانت قد استعدت وارتدت ثوبها الأسود.. ووقفت تنظر لنفسها في المرآة.. السواد .. دائماً ترتدي الأسود.. وهمت بأن تغيره عندما فتح الباب ودخلت عليها والدتها، امرأة في العقد الخامس من عمرها.. جميلة جمالاً مبهراً وإن كانت السنين قد أضفت على جمالها مسحة من وقار.. نظرت إليها بقسوة وقالت:
_ سارة .. ألم تكملي بعد ارتداء ملابسك.. والدك ينتظرنا في السيارة.. هيا بسرعة.. وقبل أن تخرج التفتت إليها قائلة:
مريم أختك انتهت منذ زمن طويل وأنت لا تزالين تنظرين لنفسك في المرآة.. يا سبحان الله..
<< دائما مريم .. كل شيء لمريم الجمال والثياب والحب والدلال.. وأنا لاشيء.. إنها أختي ولكنني أكرهها.. بل أمقتها.. غصبا عني >> نظرت لوجهها في المرآة نظرة أخيره.. عيناها الضيقتان وأنفها الكبير المحدب كأنف صقر.. وفمها الواسع وشفتاها الغليظتان ووجهها الشاحب الهزيل.. وشعرها المجعد المنفوش.. لاشيء فيها جميل.

تنهدت بيأس.. وخرجت من الحجرة تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى ولكنها مصممة على الذهاب.. مصممة أن تواجه الناس بوجهها القبيح.. إنهم لا يرون فيها إلا هذا الوجه.. يالهم من ناس لاتهمهم إلا القشور.. اصطدمت عيناها وهي خارجة بجمال أختها الباهر.. إنها أخذت كل ملامح والدتها.. القامة الفارعة الهيفاء.. وشعرها الأسود الحريري.. وعيناها السوداوتان الواسعتان.. وفمها الجميل.. وكادت تتراجع كالعادة ولكن لا.. إن عقلها الآن هو الذي يقودها.. كفاها جبناً وخضوعاً.. لا .. لن تتراجع بعد الآن .. نظرت إلى أختها مريم نظرات تقطر بالمرارة وهي تقول :
- هيا
قالتها بخمول وكأنها تقول لن اذهب .. وبادلتها أختها نظرة فاحصة وقالت هي الأخرى :
- هيا بنا
قالتها بنشاط وحيوية إبنة الثامنة عشرة ..
وفي السيارة كالعادة .. جلست سارة وأمها في المقعد الخلفي .. بينما مريم جالسة بثقة في المقعد الأمامي .. وذلك حتى يتباهى أبوها بجمالها أمام الناس .. هكذا يقول أباها مراراً وتكراراً .. ألقت برأسها على المقعد وهي ساهمة .. سمعت صوت أبيها وهو يقول ممتدحاً ابنته الصغرى مريم :
- ما كل هذا الجمال .. إني أغار عليك من أن تكوني ابنتي .. وصفعت أذنها ضحكة أمها السعيدة وهي تقول :
- مريم ستحجب عنا الأنظار بجمالها .. لن يرانا احد إلى جنبها شيئاً على الإطلاق ..
لمعت الدموع في عيني سارة ولكنها أخفتها بسرعة رهيبة خشية أن يلمحها احد وهي تبكي ولماذا تبكي ؟
إن الله خلقها هكذا دميمة .. لا تستطيع أن تفعل بدمامتها شيئاً .. إنها تغار من أختها.. تغار إلى حد الكراهية ..
وعندما وصلوا إلى مكان الحفل .. لفتت مريم إليها الأنظار بجمالها الباهر .. وثقتها بنفسها التي لا حدود لها .. وانزوت سارة في ركن مظلم تجتر أحزانها وتندب حظها العاثر .. ولكن حدثت مفاجأة في الحفل .. مفاجأة صاعقة .. لا أحد يتصورها ولا يمكن أن يصدقها إنسان ..
لقد خطبت سارة .. نعم سارة وليست مريم الحلوة .. الجميلة .. الرشيقة .. خطبت سارة القبيحة المحرومة من الجمال .. خطبتها إحدى السيدات لابنها سعيد .. ابتسمت الأم وهي تجيب :
- تريدين خطبة مريم بالتأكيد ..
ولكن السيدة ردت عليها بحزم :
- كلا نريد سارة .. هكذا أوصاني ابني ..
ذهلت الأم فتبعثرت الكلمات داخل جوفها ولم تنطق .. وبعد فترة صمت طويلة أجابت الأم بفرحة ممزوجة بالدهشة :
- تقصدين سارة ابنتي الكبرى .. إنها تلك التي ترتدي الفستان الأسود .. أجابت السيدة بإصرار :
- نعم إنها هي .. هي التي يريدها ابني ..
صمتت الأم وهي تفكر بسرعه .. كيف يكون هذا .. لقد انقلبت الموازين .. سارة الفتاة الدميمة تخطب بينما الأخرى الجميلة لم يتقدم لها أحد حتى الآن .. ولكن هذا مستحيل .. أين رآها هذا الشاب وكيف عرفها حتى يقصدها بطلب الزواج .. أنه بالتأكيد مخطئ ..
أفاقت الأم على صوت أم سعيد وهي تقول لها :
- ماذا قلت يا أم صالح .. متى نأتي إلى بيتكم لنطلب يدها من والدها رسمياً .. ترددت الأم قليلاً قبل أن تقول :
- أهلاً بكم في أي وقت .. ولكن .. لي شرط ياأم سعيد .. وهو أنه يجب أن يراها سعيد .. وسارة يجب أن تراه حتى نضمن لهما السعادة في المستقبل .. وخرجن من الحفل والأم لاتصدق نفسها .. وسارة بادية الوجوم والارتباك وكأنها عرفت بما يدور حولها .. ومريم مرحة لاهية كعادتها دائماً .. لا تسأل عن شيء ..
وخلال أيام بدأ الاهتمام يحيط بسارة في البيت .. الكل يهتم بها .. الكل تناسى قبح وجهها .. أمها تدللها وأبوها يشفق عليها ويلبي كل طلباتها .. وأختها تبتسم في وجهها بسعادة .. وإخوانها الأربعة يتطلعون إليها في دهشة ممزوجة بالسخرية ..
أما هي فكانت في غنى عن ذلك كله .. كانت لها أحلامها الخاصة .. كانت تغص في بحار نقية من السعادة والدهشة .. وتتساءل بينها وبين نفسها .. معقول .. أنا القبيحة هناك من يرغب في أن يتزوجني .. ولماذا .. ماذا يريد مني ..
وتعود وتبحث في نفسها ..
<< ربما أنا جميلة .. ولدي مواطن جمال خفية لا أعرفها .. ولكن لا .. عيناي الضيقتان وأنفي القبيح ووجهي .. لا .. لا لست جميلة .. ربما يريدني لشيء آخر غير الجمال .. ربما جذبه تعليمي نعم .. أنا متعلمة تعليماً متوسطاً وليس عالياً .. ولكن .. لا .. ربما جذبه نسبي .. أنني من عائلة محترمة ومرموقة .. إذن لماذا لا يخطب أختي فهي تملك المال .. والجمال .. والتعليم .. ولكن لا .ربما هو لا يريد هذا كله .. ربما يريدني أنا فقط دون شيء .. ربما أحبني >> ..
فكرت سارة كثيراً وتعبت من كثرة التفكير .. وأخيراً قررت أن تسلم نفسها لله .. وإن كانت لا تخفي فرحتها بهذا الأمر .
وفي خلال أسبوع تقدم سعيد ووالده لخطبة سارة .. ودخلت والدته وهي تحمل الهدايا لسارة وسط دهشة الجميع وفرحتهم في آن واحد ..
وفي نفس الليلة .. رآها سعيد بناء على طلب من العائلتين معاً ..
إنها تتذكر وقوفها الطويل أمام المرآة في ذلك النهار .. حاولت قدر الإمكان أن تبدو حسنة الشكل إنها لا تنسى معركتها مع شعرها المجعد .. وأخيراً روضته بسهولة .. وأضفت الاحمرار الصناعي على خديها الشاحبين .. ولكن ماذا تفعل بعينيها وأنفها وشفتيها .. ؟ لن تستطيع أدوات التجميل أن تغير كل هذا .. فهي قبيحة إذا تركت كل شيء على حاله .. ومهما حاولت استخدام كل وسائل التجميل في هذا العالم ..
امتلأت عيناها بالدموع .. ولكنها غطتهما بسرعة وكأنها ترفض الدموع .. وترفض التعاسة .. لاتعاسة بعد اليوم .. ارتدت ثوبها الأحمر الجديد الذي اشترته أمها خصيصاً لهذه المناسبة .. ثوب جميل يبرز نحافة خصرها .. وهذا ما أرادته أمها ..
<< آه لا بأس أني أملك على الأقل خصراً جميلاً >> .. قالت ذلك لنفسها بصوت خافت .. ومررت بالأحمر على شفتيها الضخمتين وخرجت من الحجرة .. وكادت أن تعود من حيث أتت بعد أن رأت جمال أختها وبالمقارنة لها .. ولكن لا .. لن تنهزم ..
هكذا قالت لنفسها وهي تحاول استعادة هدوئها .. وسارت ببطء نحو حجرة الضيوف وهي تفكر بصمت .. ووجهها جامد .. لا حياة فيه .. ستغامر بكل شيء .. هذه هي أنا .. وإلا فليذهب إلى الجحيم .. ولكن لا .. دوت صرخة في أعماقها .. إذا عدل عن رغبته في الزواج منها .. فسوف .. سوف تفقد الثقة بنفسها .. لا .. بل أكثر من ذلك أنها سوف تنتحر .. لن تحتمل الصدمة .. حاولت أن تطرد كل هذه الأفكار من رأسها وأمها تناولها أكواب العصير البارد لتقدمه للضيوف .. تقدمت بخطوات ثابتة .. ودخلت .. وهالها ما رأت !! ..
يا لها من مفاجأة مذهلة !!
لقد جمدتها المفاجأة ..



تحياتي لكم الى اللقاء مع الجزء الثاني


مرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

في انتظار البقية تقبلي باقة شكر.
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

********** الجزء الثاني ***********


لماذا لم يقل لها أحد ؟.. لماذا لم يخبرها أهلها .. ووالدها لماذا سكت ؟::لماذا لم يقل لها بأن العريس أقبح رجل في العالم !!!
إنها لم تر رجلاً في حياتها بهذا القبح الشديد .. أنها بالمقارنة إليه ملكة جمال .. قصير القامة نحيل .. هزيل .. قمئ..وجهه يصد الناظرين إليه لدمامته .. عيناه كبيرتان غير مستقرتين ..حمراوتان .. وأنفه مفلطح كأنف زنجي .. وفمه واسع بدون شفتين على الطلاق ..ورأسه الأصلع يبرق على ضوء النور الكهربائي الساطع ..
صدمة .. صدمة شديدة..صدمة جعلتها تضحك بشدة على غير عاداتها .. أول مرة في حياتها تضحك بهذه الطريقة .. وليس وحدها بل أما م الضيوف .. ومن ؟ضيوف يخطبونها ..نهرها أخوها الأكبر وأخرجها أبوها بقوة في الحجرة ووجه محمر من شدة الحرج .. وصفعتها أمها في المطبخ وهي تقول لها بقوة :
_من تظنين نفسك .. أنه الوحيد الذي يناسبك .. ولن تجدي غيره زوجاً !.. صدمتها هذه الكلمات أكثر من صدمتها بعريسها القبيح .. فتساقطت الدموع من عينيها بغزارة ولم تنم تلك الليلة .. وكيف تنام ؟ وصورة هذا الوجه المشوه يأتيها حتى في أحلامها .. هل حقاً كتب عليها أن تتزوجه .. تتزوجه هو ؟ نعم .. ومن هي حتى تشترط الزوج الوسيم .. ليست إلا فتاة شوهاء ..لايخطبها إلا أمثالها .. وبكت .. بكت بشدة وهي تعرف أنها لن ترفض هذا العريس .. وكيف ترفضه ولم يتقدم له أحد غيره حتى الآن ولن يتقدم .. أنها الآن في الرابعة والعشرين من عمرها ومن يدري إذا رفضت هذا فقد تبقى عانساً طول العمر .. وهي لا تريد أن تصبح عانساً .. تفضل الموت على ذلك ..تريد أي شئ يعيد الثقة إلى نفسها .. ولن يعيد إليها هذه الثقة إلا إذا أصبحت زوجة ..
ليس مهما زوجة من..المهم أن تصبح زوجة ..
لتهرب من كلام الناس ..
ومن جمال أختها ..
ومن نفسها..
وحالما أشرقت شمس اليوم التالي .. أسرعت راكض إلى أمها ووجها تبدو عليه آثار السهر والبكاء وقد أزداد قبح على قبح .. وأعلنت له الموافقة .. فابتسمت له الأم بسعادة وهي تقول وهي تشعر وكأن هما ثقيلاً وقد انزاح عن كاهلها .. وقالت لابنتها وكأنها تلومها :
_ولكن أغضبتهم أمس يا سارة بضحك المتواصل .. سأحاول أن اعتذر للأم في الهاتف .. وليتها تقبل اعتذاري ..
وفعلاً قبلت أم سعيد اعتذارها ..ولماذا لا تقبل .. أنه لا توجد فتاة في الدنيا تقبل بابنها زوجاً .. فعلاً حضر أهل سعيد في اليوم التالي ليتفقوا مع أهل سارة على موعد عقد القران .. وسارة تتأرجح مشاعرها بين الخوف والرجاء ..
أنها لا تعرف هذا >>السعيد<< .. لم تعرف عنه سوى وجهه واسمه .. ولكن ما يدريها ربما كان إنساناً بمعنى كلمة .. ربما ربما كان طيب القلب .. إن الشكل عادة لا يدل على شيء .. فهي قبيحة ولكنها طيبة إلى أبعد الحدود ..
وأختها مريم فائقة الجمال ولكنها أنانية .. ومعقدة .. ومغرورة .. وأبوها .. أنها تشبهه رغم أنه أجمل منها قليلاً .. أنه طيب القلب جداً .. ولكنها تشعر بأنه يكرهها ربما لأنها تشبهه .. وهذا ليس لها يد فيه.. أنه من سخرية القدر.. وعقد قران سارة وسعيد دون حفل يذكر .. اقتصرت الدعوة على العائلتين فقط.. وقليل جداً من الأقارب .. وهي التي أصرت على ذلك .. سارة لا تريد حفلاً .. أي حفل .. لا تريد أن تكون مضحكة للناس .. لمن يعرفها ومن لا يعرفها .. سيخرون منها وسيضحكون على اختيارها لزوجها بالتأكيد .. وسيتندرون بشكلهما معاً وهما في ثياب الزفاف .. أنها تعرف كل ذلك .. بل وأكثر سيقارنون بين جمال أختها وقبحا .. وسيصبح زوجها لاشيء إلى جانب هيثم ابن عمها الذي عاشت عمرها كله وهي تحبه وتنتظره.. ولكنه لم يلتفت إليها.. ولدهشتها الشديدة لم يبهره حتى جمال أختها وتزوج فتاة أخرى من خارج العائلة .. ليست دميمة مثلها ولكنها ليست جميلة في جمال أختها مريم .
اجتمعت بها أمها ذات صباح عقد القران ..وأخبرتها بأن العريس يتعجل ولا يريد التأجيل ويجب أن يحددا معاً موعداً للزفاف والذهب إلى بيت زوجها .. أرهبتها الفكرة ..فلم تكن تنوي أن تصل معه إلى هذا د .. أن يقفل عليهما باب واحد .. وأن تجمعهما غرفة واحدة.. بل وفراش واحد .. أنها ليست صغيرة على الزواج وتعرف هذا جيداً ..
ولكن كيف تتحمل أن تتطلع إلى وجهه دون خوف .. دون رهبة ..
إنها تعترف أنها دميمة ولكن ليس من ملامحها ذلك الشيء المنفر الذي تراه على وجهه .. نعم أن شكله مخيف .. أنها خائفة وحزينة .. أـصرخ في وجه أمها لآن وترفض الأمر برمته وترتاح .. ولكن ولكن لا إنها لن ترتاح .. ولن ترتاح وهي تعرف جيداً أنها لن تتزوج بعد ذلك أبداً.. لن يتقدم لها أحد.. وإذا فرض وتقدم لها أحد فربما يكون أسوأ وأبشع من الأول ..لا.. أنها فرصتها في الحياة ولن ترفضها .. يكفيها أنها ستكون أجمل منه .. ولن تدعه ينسى هذا أبداً .. ولسوف ترتاح من جمال أختها ومعايرة أ/ها لها طوال لليل وطوال النهار بأنها قبيحة.. حتى أخوتها لم تسلم منهم ..يكفيها نظرات والدها وهو يمصمص شفتيه بألم وحسرة .. نظراته تعذبها وتشعرها بأنها أقل من أختها بل وأقل من فتيات الدنيا بأسرها ..
أفاقت على صوت أمها وهي تسألها رأيها في الموضوع ابتسمت لأمها ابتسامة حزينة مثيرة للشفقة وقالت بصوت بائس .
_ الرأي لك ... ولأبي ..
ضحكت أمها وهي تقول لها هامسة :
_ لن أوصيك بزوجك يا ابنتي .. لن يكون لك غيره .. لن تخرجي من بيته إلى ألا القبر..
القبر .. أفزعتها الكلمة فلم تنظر إلى أمها .. وهمست لنفسها .. >>وما يدريك يا أمي فربما هو القبر نفسه << ..
استغرق تجهيز سارة عدة أسابيع قبل أن تزف إلى زوجها .. تركت كل شيء لذوق أمها فهي تعرف ما يناسبها أكثر منها .. اختارت لها أمها مجموعة من الثياب الجميلة ومجموعة أخرى من القمصان النوم الفاخرة والملابس الداخلية .. كلها أشياء جميلة .. وكأنها تعوضها بها عن جمال ابنتها .. أيضاً دخلت على زوجها من دون ضجيج ودون حفلات .. كانت رائعة في تلك الليلة رغم قبحها .. أن للعروس هيبة خاصة لا يهم فيه جمال وجهها ..
وبدا هو في حلة الزفاف كأقبح ما يكون .. ولكن هناك شيئاً غريباً ظهر على وجهه في تلك الليلة عيناه زائغتان .. وجسمه يهتز .. ويداه ترتجفان .. وكأنه خائف من شيء ما ..
إنها لم تلاحظ عليه شيئاً من هذا رغم أ، المدعوين من جميع العائلتين قد لاحظوه .. كما لاحظوا ارتباكها هي أيضاً والعرق الغزير الذي يتصبب في جبينها رغم أن مكيفات الهواء كانت تعمل آنذاك .. واصطحبها زوجها إلى بيت الزوجية .. وحالما أقفل عليهم باب الحجرة .. حتى قال لها :
_ أريد أن أقول لك شيئاً هاماً في البداية ..
صمتت وهي لا تنظر إلى وجهه .. تابع وهو يحاول أن يبدو متماسكاً ..
_ أنني لا أدري ماذا أقول لك .. ولا كيف أبدأ.. ولكن أرجو منك أن تفهمينني .. ربما سيكون صدمة لك ولكن كل ما أرجوه أن تقدري موقفي .. هل تسمعينني ..
فأجابته بإيماءة من دون أن، تنطق .. ففاجأها بقوله :
_ أتدرين أنني .. أقصد أعني .. أنا إنسان عاجز ..
نظرت إليه بسرعة وهي مشدوهة وغير مصدقة ..
نظرت إليه وكأنها تنظر إلى كائن غريب من كوكب آخر ..

تحياتي لكم الى اللقاء مع الجزء الثالث

مــــرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

تسلمين اختي مرام على القصه
في انتظار باقي القصه
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

********* الجزء الثالث *************

وأخيراً وبعد أن زالت آثار الصدمة شهقت بفزع .. ثم شهقت وهي تبكي وتشرق بدمعها .. ولم تنبس ببنت شفة .. والغرفة صامته .. غارقة في صمت لايقطعه سوى بكاؤها ونحيبها ولم يتكلم هو انتظرها حتى تنتهي من البكاء .. ولكنها استمرت تنهنه بصوت خافت .. وأسندت رأسها على حافة السرير ونامت وسط دموعها ..
ولم يقربها سعيد تلك الليلة ..تركها وخرج .. ولم تدر أين نام هو .. ولا كيف ..
وعندما نهضت من فراشها الصباح .. لم تذكر أين هي واستغرقت عدة دقائق وهي تتذكر ماحدث لها .. وأصيبت بغصة ألم في حلقها وهي ترى صورتها في المرآة .. أن عينيها متورمتان من كثرة البكاء .. أنها لم تبك أبداً بمثل هذه الصورة .. أنها لاتبكيه .. بل تبكي نفسها .. وتبكي حظها ..
أمعقول ما حدثها به البارحة ؟ أم أنه يزل ؟ لاشك أنه يهزل معها .. أنه أمر لايصدق .. ولايحدث إلا نادراً ، ولكنها قررت أن تسأله اليوم عما أخبرها به البارحة وتستحلفه بكل غال لديه بأن يقول لها الصدق .. ولكن لماذا يقول لها هذا؟ وماغرضه من هذا ، وماذا يرمي إليه ؟ وإذا كان ماقاله صحيحاً فلماذا قاله البارحة بالذات ؟ ليلة زفافهما .. هل يريد أن ينفرها منه .. ولكن لماذا ؟ لماذا ؟ أسئلة كثيرة تدور في مخيلتها دون جواب !!
قررت أن، تواجهه وتسأله عن كل شئ..
وخلعت سارة ثوب الزفاف الأبيض بسرعة ولبست ثوباً أحمر بسيطاً .. أن اللون الأحمر يضفي عليها جمالاً خاصاً ..
ولكن لماذا تريد أن تكون جميلة بنظره .. هزت كتفيها بيأس .. وترددت قبل أن تخرج من الحجرة .. كلما مدت يدها إلى مفتاح الباب تعود بسرعة إلى المرآة للتأكد من شكلها .. وأخيراً عزمت على الخروج .. لم تجده في الصالة .. وسارة في أرجاء البيت تتفقده .. ولم تجد له أثراً صدمت !! .
عريس يخرج في صباح ليلة الزفاف ! .. بالتأكيد هو مجنون تناولت طعام إفطارهما مما وجدته في الثلاجة .. وجلست بعد ذلك تنتظره على أريكة في الصالة ومضى بها الوقت وهي تزداد غيظاً .. ولاتدري ما تفعل إذا قدم أهلها ليطمئنوا عليها أو حضر أهل العريس .. هل تخبرهم بما حدث ؟.أم تقول لم أن العريس جن .. أم ماذا تقول ؟
وفعلاً بعد فترة سمعت صوت الجرس .. أنه جرس الباب .. ووقفت حائرة في الصالة هل تفتح الباب أم لا تفتح .. ربما يكون هو .. سعيد .. ولكن مستحيل .. لأن معه مفتاح الباب .. ولو كان هو لفتح الباب ودخل دون داع لذا الجرس .. ولكن ربما هو يداعبها .. لا.. لا.. ربما يكونوا أهلها قد أتوا .. لن تفتح .. كيف تواجههم بدون زوجها وماذا سيقولون عنها ..لا.. ولكن الساعة لآن ،لا تتجاوز الثامنة صباحاً ومن غير معقول أن يأتوا في هذا الساعة المبكرة.. إذاً من يكون الطارق ؟..
دقات الجرس تتوالى دون انقطاع ..
وأخيراً طرقات شديدة على الباب .. وهي حائرة تفكر هل تفتح أم لا تفتح .. وأخيراً سمعت من ينادي باسمها وراء الباب ..سارة.. افتحي ياسارة .. تنبهت وعرفة الصوت .. نعم إنها أم سعيد .. ركضت لتفتح الباب وهي تتساءل عن سر مجيئها في هذه الساعة المبكرة ..فتحت الباب ودخلت الأم .. وفي عينيها نظرة قلق ورهبة .. وواجهتها سارة بنظرات هادئة ثابتة رغم ما يبدوا عليها من قلق .. وسألت عن سعيد فأخبرتها سارة أنها لاتدري أين هو .. فطمأنتها أمه بأنه دائماً هكذا غريب الأطوار .. صمتت سارة وهي تجتر أحزانها .. وفهمت بعد ذلك أن الأم تحاول بشتى السبل أن تعرف مادار بينها وبين ابنها البارحة .. ولكنها لم تعرف منها شيئاً ولم تستشف من وراء صمتها .. فخرجت وهي تبتسم كعادتها ووعدتها بأن تزورها مع أخوات سعيد في وقت لاحق .. وأغلقت سارة الباب وراءها وهي تتنهد بيأس ..
وفي الساعة الحادية عشر أحست بمفتاح يدور في الباب الخارجي فتظاهرت بالنوم .. ودخل عليها سعيد الحجرة .. ورغم تظاهرها بالنوم لم تستطع أن تكتم شهقة فزع وهي تراه يدخل في هيئة رثة وثيابه ممزقة ووجهه القبيح ملئ بالخدوش والدماء .. وقبل أن تتحرك من فراشها قال لها :
_ إبق في مكانك .. لاشئ ذا بال .. لقد تدخلت في معركة بسيطة مع قريب لي ..
ولكنها أحست بإحساس داخلي بأنه يكذب .. ولم تسأله أين نام البارحة .. بل لم تسأله عن أي شئ على الإطلاق ..
فضلت أن تسكت على مضض .. وما يهمها من أمره حتى ولو كان زوجها .. لقد تعودت طوال حياتها ألا تتدخل في شؤون أحد ولاأحد يتدخل في شئونها .. لقد صبطت مرة أخاها وهو يعاكس الفتيات عبر الهاتف فلم تقل له شيئاً .. ولا كلمة واحدة .. ولم تخبر أحداً بذلك وكأن الأمر لايعنيها ..
ورأت أختها ذات يوم تحادث ابن الجيران في الشارع فسكتت ولم تقل شيئاً ولم تخبر أمها .. ولم تناقش أختها ..
إن الأمر لا يعنيها في شيء ولا يمسها لا من قريب ولا من بعيد .. هكذا هي لا تتدخل فيما لا يعنيها ولكن هذا زوجها .. وأمره يعنيها بالتأكيد .. فهي شريكته في حياته .. ولكن لا .. فليذهب إلى الجحيم .. إنها تعودت على ألا تتدخل في شيء لا يخصها .. وعاد سعيد إلى غرفة النوم بعد أن اغتسل في الحمام .. وما أن رأته حتى احمرت وجنتاها خجلاً واضطراباً ولكنه قال لها بصوت هاديء :
- سارة أرجوك أخرجي أريد أن أنام ..
صدمتها كلماته ولكن ليس أكثر من صدمتها بزوجها فخرجت بسرعة من الحجرة وكأنها تهرب من نار توشك أن تحرقها .. وجلست على أريكة في الصالة وهي تفكر في هذا الرجل الذي تزوجته ..إنه فعلاً غريب الأطوار كما أخبرتها أمه .. ترى أين نام ليلة البارحة .. ولماذا تأخر في العودة .. ولماذا يعود بهذا الشكل المزري .. ؟
لقد صدمت صدمة شديدة حطمت كيانها .. إنها أول صدمة في حياتها .. كانت تعتقد أن الزواج سينقلها إلى عالم آخر .. عالم كالسحر .. كالخيال ..مليء بالعطور والسعادة والحب .. ولكن الواقع شيء آخر .. ترى هل كل عروس تمضي يومها باليأس والحيرة ..
وفي غمرة إحساسها باليأس سمعت رنين الجرس .. بالتأكيد هم زوار جاءوا ليباركوا لهم .. وأسرعت تفتح الباب .. لقد كانوا أهلها .. وفرحت بهم فرحة شديدة أنستها ماكانت تعانيه منذ لحظات .. راعها جمال أختها فتذكرت قبحها وإن كانت قد نسيته لفترة .. وأحست بكل عقدها ونقائصها تعود قوية كما كانت ولكنها حاولت أن تنسى ..
جاهدت كثيراً لتبدو أمامهم عروساً سعيدة ..
نظرت إليها أمها نظرة ذات مغزى وقالت :
- سارة أريدك قليلاً ..
أخذت أمها إلى حجرة جانبية وهي تعلم مقدماً ماذا ستقول لها أمها .. وفعلاً سألتها نفس السؤال .. وتاهت أفكارها وهي تجيب أمها إجابة مطمئنة .. أجابتها بذلك لتريحها وتريح نفسها ..
وفعلاً رأت علامات الارتياح تعلو وجه أمها ..
سألها أبوها عن زوجها فأخبرته بأنه نائم .. ابتسم أبوها ونظر إليها بخبث .. فاحمرت وجنتاها من الخجل رغم أنها تدرك تمام الإدراك بأنه لم يحدث شيء .. ولكنها أحست بما يدور في خلد أبيها .. إنه لا يعلم شيئاً .. كلهم لا يعلمون .. أتخبر أمها بهذه المأساة المفجعة .. وماذا سيكون رأي أمها ..
وماذا ستقول لها .. لا .. لن تخبرها .. لتحمل مأساتها وحدها .. وليكن ما يكون .. إنها مستعدة لكل شيء ..
وبعد فترة قصيرة ودعها أهلها وخرجوا .. وعاد اليأس يلفها من جديد ..
عند الغروب أستيقظ سعيد من نومه فاستقبلته فرحة باستيقاظه ولكنه لم يكن فرحاً على الإطلاق .. سألها إذا كانت تريد أن تتعشى بالبيت أم خارجه .. سألها هذا السؤال بروتينية مملة وكأنه لا يريد أن يتكلم وقالت له بصوت خافت .. أريد ما تريد أنت .. فنظر إليها طويلاً قبل أن يقول :
- هيا ألبسي ثيابك لنخرج بعد قليل ..
كان الوقت الذي قضته معه للعشاء أسوأ أوقاتها على الإطلاق .. كان العشاء سخيفاً ..
وكان هو أسخف .. ومضى الوقت مملاً بطيئاً وهما لا يجدان ما يتحدثان عنه .. وعادا إلى البيت والبرود لا يزال يلفهما وما أن ضمتها حجرة النوم .. حتى قال لها بصوت مرتجف ..
- أعلم أن اهلك قد حضروا اليوم لزيارتك وأعلم أنك لم تخبري أحداً بشيء .. وأرجو أن تكوني عند حسن ظني .. فلا أريد لأي مخلوق أن يعلم بما بيننا .. وتشجعت قبل أن تقول :
- وما هو الذي بيننا ..
وأحست براحة كبيرة وهي تنطق هذه الكلمة لما رأت على وجهه من علامات التعجب والدهشة .. أحست أنه يعاني بصعوبة ليبحث عن إجابة لسؤالها غير المتوقع ثم أجابها بحدة :
- أنت تعرفين جيداً ما هو الذي بيننا ولا داعي لإعادة الكلام ..
ولكنها ردت بسرعة .. << ولكنني حقاً لا أعرف .. أنت لم تخبرني بشيء على الإطلاق .. >>
صمت طويلاً وكأنه يفكر قبل أن يجيب :
_أنا وحيد أمي بين خمسة أخوات بنات كما تعلمين .. ومرضت مرضاً طويلاً .. أصبحت بعده فاقد القدرة على القيام بالواجبات الزوجية .. أنا لا أطلب منك المستحيل ولكن أرجوا أن تصبري فترة من الزمن .. بعد عدة شهور أو أكثر ..
_ أطرقت سارة برأسها حتى لا يرى الدموع التي أمتلأت بها عينياها .. وبعد أن خرج من الحجرة أحست بالحزن .. بالحزن الشديد .. فأجهشت بالبكاء بكل كيانها .. وهي على يقين من أن من يولد شقياً يعيش طوال حياته في بؤس وشقاء ..
إنها لم تذق للسعادة طعماً في حياتها ولن تذوق ..
>>لماذا يا ربي .. خلقتني دميمة قبيحة شوهاء .. لا يحبني أحد حتى أمي .. كل البشر يعايرونني بوجهي ويطرون جمال أختي وحسنها .. حتى كرهت الدنيا بأسرها .. حتى زوجني من توقعت على مقدمه كل خير والبشر أصبح هو الآخر لايريدني .. رغم أنه يماثلني قبحاً .. إن لم يكن أكثر >>

ومضت تجتر آلامها ..
وفي غمرة إحساسها باليأس والحزن تذكرت فجأة أنه خرج .. إلى أين ذهب مثل هذه الساعة؟
لقد سمعت بنفسها الباب الخارجي وهو يغلق .. ولكنها خرجت للتأكد .. بحثت عنه في الصالة وفي المطبخ وفي الحمام وفي كل الغرف ولم تجد له أثراً .. ماذا يقصد من هذا كله .. ولماذا يخرج كل ليلة على هذه الصورة .. ترى لماذا تزوجها ؟ وماذا يريد منها بالضبط ؟ وماهي الحكاية ؟ لابد في الأمر سراً .. ولم تفكر كثيراً .. لقد تعبت من كثرة التفكير .. فنامت بهدوء لاعلى السرير .. بل على فراش قديم وجدته في إحدى غرف المنزل وضعته بجانب السرير ونامت .. صممت ألا تقرب السرير فليس من حقها أن تنام عليه .. بل أنها تكرهه .. تكره السرير وتكره صاحب البيت وتكره أمها وأباها وكل شئ نهضت في الحادية عشرة على يد تهزها .. فتحت عينها لترى الساعة ..فدهشت لنومها كل هذه المدة ..
التفتت لترى وجهه القبيح وقد أمتلأ بالدماء والخدوش وثيابه الممزقة .. شهقت بفزع أكبر مما كان في المرة الأولى .. لم يفزعها رؤيته بهذا الحالة فقط رأته هكذا من قبل .. أفزعها أن يتكرر ذلك للمرة الثانية .. وعلى يومين في نفس الوقت .
***

تحياتي لكم الى اللقاء مع الجزء الرابع

مـــرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

تسلمين اختى مرام على القصه
في انتظار الاجزاءالقادمه
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

***********الجزء الرابع *************


وأفاقت من دهشتها على صوته وهو يسألها برقة :
- لماذا لم تنامي على السرير البارحة ؟
- ولماذا أنام عليه
- لأنه سريرك ويجب أن تنامي عليه
صمتت وهي تستجمع قواها لتسأله السؤال الذي كان يدور في رأسها في تلك اللحظة ..
- سعيد .. أين كنت البارحة .. ولماذا لاتنام هنا ؟ ولماذا يبدو شكلك هكذا .. مالأمر ؟
همس بصوت خافت ..
- لاشيء ..
وأدار لها ظهره وخرج من الغرفة .. أحست بحنق شديد والغضب يتصاعد داخل نفسها ..
ماهذا الذي يحدث ؟ هل هي عروس سعيدة .. أم ضابط شرطة لتحل كل هذه الالغاز التي تتوالى عليها منذ أن تزوجته .. لا .. لن تتركه هكذا ..
إن في حياته لغزاً يجب أن تعرفه .. وبعد ذلك تقرر إذا كانت قد تعيش معه أم لا ..
نهضت بسرعة من فراشها وطوته سريعاً واحتارت أين تضعه .. هل تعيده إلى مكانه .. ولكن لا ..
أدخلته بسهوله تحت السرير الكبير وأسرعت الخطى تبحث عن زوجها قبل أن يخرج .. رأته وهو يغتسل في الحمام ، وخرج دون أن ينظر إليها ودخل حجرة النوم .. ولكن لا .. لن تدعه يجب أن تواجهه بكل شيء .. ليضع النقاط فوق الحروف .. لحقت به إلى الحجرة ..
نظر إليها بدهشة وقال :
- سارة أرجوك أريد أن أنام.. أتركيني من فضلك ..
تعثرت الكلمات داخل جوفها ولم تدر ماذا تقول .. وخرجت تجر أذيال الخيبة .. ولكن لا ..
ستنتظره .. ستنتظره حتى يستيقظ وتسأله عن كل شيء .. ولن تخاف .. وجلست تحضر الكلمات التي سوف تقولها له .. وتنتظره على أحر من الجمر .. فأحسست بالهدوء يلفها ..
لا صوت ولا ضجيج .. وحنت إلى بيت أهلها .. إلى كل شيء حتى المشاكل .. إلى مرآتها الكبيرة ..
وإلى سريرها وإلى مخدتها الصغيرة المبتلة دائماً بالدموع .. وإلى أختها ومشاكلها معها .. وإلى أدق أدق الأشياء في بيت والدها .. لقد كانت سعيدة هناك .. ربما لم تكن سعيدة ولكنها أحسن حالاً مما هي عليه الآن .. ليست زوجة وليست عازبة ..
ولكن لا .. الموقف يجب أن ينتهي اليوم .. بل الليلة بالذات .. وفي السادسة تماماً .. خرج سعيد من الغرفة .. وقفت سارة مرتبكة تصف الكلمات التي ستقولها .. ولكن هربت منها الكلمات .. سألها بصوت هادئ :
- هل تريدين الخروج معي .. ؟
صمتت وهي تفكر بسرعة .. وعقلها يلف مليون لفة في الثانية الواحدة .. فسألها مرة أخرى :
- لماذا لا تردين .. هل تريدين الخروج معي أم لا .. ؟
خرج صوتها مرتعشاً خائفاً رغم أنها حاولت جاهدة ألا يبدو كذلك ..
- أريد أولاً أن أناقشك في أمر هام ..
رد باستهزاء وسخرية :
- وماهو هذا الأمر الهام ..
تجاهلت سخريته وابتلعت ريقها قبل أن تقول :
- هناك أشياء كثيرة في حياتك لا أفهمها .. إني منذ تزوجتك وأنا أشعر أنني أمثل فيلماً خيالياً أو أعيش كابوساً رهيباً .. أريد أن أفيق منه .. ولا أستطيع .. إنني أعيش أيامي في خوف ورعب لا أدري متى تأتي ولا متى تخرج ولا أين تنام .. ولا ..
قاطعها بصوت حاف :
- قلت لك لا تسأليني الآن عن شيء ستعرفين كل شيء لاحقاً ..
قالت بصوت مخنوق وكأنها لم تسمعه :
- قل لي بصراحة لماذا تزوجتني .. ؟
صمت طويلاً قبل أن يقول
- نخرج الآن أم أخرج أنا وحدي ..
ولم تتحمل كل هذا التجاهل .. فانهارت في بكاء مرير وقالت له بصوت تقطعه الشهقات :
أخرج لوحدك ..
ولم يشفق عليها وتجاهل دموعها .. وخرج .. وبعد فترة نهضت وغسلت وجهها جيداً وخطرت لها فكرة .. لماذا لاتبحث في مكتبه وتفتش في أوراقه .. ربما وجدت شيئاً يدلها على هذه الحالة .. ربما وجدت بصيصاً من نور .. وذهبت مسرعة إلى حجرة المكتبة وفتحت الباب .. إن في الحجرة أوراقاً كثيرة مكدسة في كل مكان على المكتب وعلى الكرسي .. وعلى الأرض .. جلست بهدوء على الكرسي وراء المكتب ومضت تقرأ الأوراق الكثيرة المتناثرة في كل مكان .. بعضها أوراق امتحانات وبعضها أوراق مكتبية خاصة بعمل زوجها في التدريس .. وأسماء طلاب .. وكتب الثانوية العامة لزوجها .. لاليست لزوجها .. إنها لطالبة إسمها فوزية .. إنها أخته .. إسمها الثاني كأسم عائلته ..ولكن ليست له أي أخت إسمها فوزية .. وأخواته خمس : خديجة ، سامية ، إيمان ، أمل ، نورة.. ليس بين أخواته من أسمها فوزية .. ربما هي إحدى بنات عمه وهي لاتعرفهم أبداً ولم يحضرو زواجها .. أو ربما حضروا وهي لاتدري .. إنها لم تسمع بهم إطلاقاً .. ولكن لم أحظر كتب هذه الفتاة إلى أهنا ..؟
ترى هل كانت حبيته أم ماذا .. ربما كان يدرسها هنا في هذه المكتب .. ربما هي جميلة جداًُ..
هزت رأسها جيداً لتطرد هذه الأفكار .. وأخذت تبحث بهدوء وروية ..
فتحت أدراج المكتب كلها .. ولم تجد شيئاً .. ولكن هناك درجاً واحد مقفلاً بمفتاح لم تستطع فتحه .. أخذت تبحث عن مفتاح هذا الدرج في كل مكان ..
واستهوتها هذه الفكرة ونسيت معها آلامها وأحزانها .. وأسرعت ركضاً إلى حجرة نومها .. تبحث هناك عن هذا المفتاح .. بحثت في كل ثيابه .. ولكن أسفل الدولاب وجدت شيئاً .. ثوباً قديماً ممزقاً وعليه بقع من الدم .. ربما هو ثوبه أمس عندما عاد في الصبح .. ولكن كلا .. لقد تخلصت منه بنفسها .. وألقته في سلة النفايات .. وكذلك ثوب أول أمس .. لقد تخلصت منه بنفس الطريقة .. إذن ماقصة هذا الثوب ..؟
وحالما أخرجت هذا الثوب حتى سقطت منه عدة مفاتيح متعددة الأشكال والأحجام .. ازدادت دهشتها ولم تدر ماذا يصنع بكل هذه المفاتيح ..
أخذتها كلها الى حجرة المكتبة .. وأخذت تجربها كلها في الدرج المغلق واحداً تلو الآخر .. ولم يفتح الدرج .. فكرت بسرعة وقد سيطرت عليها الفكرة لما لا تكسره .. ولكنها خائفة .. هزتها هذه الكلمه خائفة .. خائفة من ماذا منه هو ؟ .. بالقطع لا.. إنه لا يكاد يعرف شيئاً عن بيته .. وغرفة المكتبة هذه لم يدخلها منذ أن تزوجها وبالتأكيد لن يهمه أن تكسر هذا الدرج أو لاتكسره.. ولكن ربما في هذا الدرج أشياء تهمه .. وقد يغضب عندما يكتشف أنها اطلعت عليها .. ولكن لا .. ستكسر الدرج وليحدث مايحدث .. إنه لم يرع مشاعرها يوماً واحداً ..
وأسرعت الى المطبخ وتناولت أكبر سكين فيه وذهبت الى حجرة المكتبة ، وأخذت تحاول فتح الدرج وفجأة قرع جرس الباب .. ولكن لا.. إن معه مفتاحاً .. من يكون ياترى .. إن الساعة الآن الثامنة مساءً .. ربما هم أهلها .. وأفرحها هذا الخاطر .. وأسرعت تفتح الباب بعد أن تأكدت من أغلاق حجرة المكتبة .

تحياتي لكم الى اللقاء مع الجزء الخامس

مرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

مشكووره أختي دانه البحرين على التواصل
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

************ الجزء الخامس *************

فوجئت بوالدته وأخواته كلهن وقد حملن في أيديهن بضعة أكياس خمنت بأنها هدايا الزواج .. بادرتها الأم قائلة :
_ أين سعيد ياسارة أنني لاأراه .
همست بدون شعور ..
_ وأنا أيضاً لاأراه ..
علا صوت الأم وهي تقول :
_ أنت لاترينه .. ماذا تقولين ياسارة ..
_ كلا يا خالتي .. أقصد أنه كثير الخروج لدرجة أنني أصبحت معها لا أراه دائماً ..
ضحكت أخته الصغرى وهي تقول :
_ يخرج وأنتما لاتزالان في شهر العسل .. هو مجنون بالتأكيد ..
رنت كلمة أخته في عقلها بشدة .. مجنون .. نعم لابد أنه مجنون .. كل تصرفاته .. تدل على ذلك ..
لم يقربها أبداً منذ زواجهما .. وخروجه كل ليلة ومبيته في الخارج .. وعودته كل يوم في صورة منفرة بالتأكيد هو مجنون .. رغم أنه لايبدو عليه ذلك .. فكرت سارة في أن تسأل أمه عن أحواله .. ولكنها عدلت في اللحظة الأخيرة .. فهي أمه مهما يكن ولن تخبرها بشئ .. ألم تقل لها مرة أنه غريب الأطوار .. حاولت سارة أن تبتسم طوال الوقت وأنها سعيدة رغم ماتشعر به من حزن يفري كبدها حتى سألتها الأم :
_ أخبريني يابنتي بصراحة .. هل انت سعيدة مع ابني .. وأردفت بسرعة ..
إنه أنسان طيب القلب رغم ما يبدوا عليه .. بالصبر والتفاهم تصلان إلى كل شئ بإذن الله ..
لاتنسى أنكما لازلتما في بداية الزواج ..
صمتت سارة لأنها شعرت شعوراً خفياً بأن أمه لاتريد رداً على سؤالها .. فقط تريد أن تطمئنها .. لتعيش معه بهدوء وبانتظار الأمل الذي قد لايأتي ..
وبعد نصف ساعة من حضور أهل سعيد .. دخل هو ورحب بأمه وأخواته .. واقترح عليهم بأن يذهبوا جميعاً إلى أهل سارة .. ولكن الأم اعتذرت وطلبت منه أن يوصلهم إلى البيت .. وذهبت معهم سارة ليوصلها في طريقه إلى بيت أهلها ..
وحالما دخلت بيتهم امتلأت عيناها بالدموع وذكرت كل شبر فيه .. أحست أن علاقتها بهذا البيت قوية جداً وأنها لا تستطيع أن تفارقه أبداً ..
قبلت أمها وأخوانها وأختها مريم وكذلك قبلت سريرها ومخدتها الصغيرة .. وياللعجب في هذه المرة لم يبهرها جمال أختها ولم تعد تشعر بأي غيرة .. ونسيت قبحها ولم تعد تذكره بتاتاً ..
أصبحت تشعر في قرارة نفسها بأن هذه أشياء تافهة لاتستحق التفكير .. وأن هي أشياء أكثر أهمية لاعلاقة لها بالقبح والجمال .. ولا بطول ولا بقصر .. هناك السعادة .. ويمكم أن يحصل عليها من لايمت للجمال بصلة .. ويمكن أن يحصل عليها جميل أيضاً .. تساوى الجمال والقبح في نظرها ..
استقبلها أبوها بحب .. أول مرة ترى نظرات الحب في عينيه .. ربما ليست نظرات حب .. ربما هي نظات شفقة .. ولكن لايهم .. المهم أن أحس بها أخيراً .. وسألها بهدوء :
_ هل أنت سعيدة يا حبيبتي .. أن زوجك إنسان بمعنى الكلمة ..
أومأت برأسها علامات الإيجاب وهي تفكر .. حتى أبوها يريد أن يطمئنها ويسكن قلبها .. كلهم يريدون منها أن تعيش معه في سلام .. حتى أمها وقفت معهم ضدها .. لكنها تريد أن تبوح لأحد أن تخبر أي إنسان عما يحدث لها .. إنها لا تستطيع أن تكتم هذا الشئ طويلاً وهو يتطور إلى ماهو أسوأ ..
جلست سارة مع أمها على انفراد .. تكلمت سارة ..
_ أمي .. أنني خائفة .. بل أنني قلقة .. أنني لاأتفهم شيئاً مما يدور حولي ..
ردت عليها أمها قائلة :
_ أنا كنت مثلك في بداية زواجي .. كل البنات هكذا .. يخفن في البداية ..
_ أمي أنني لاأقصد هذا أبداً .. أنني ..
_ أنا لم أحب أباك أبداً في البداية .. وبعد ذلك بدأ الحب بالتدريج والآن لاأستطيع فراقه ..
_ لا .. ليس هذا .. إنك لا تفهميني .. أقصد أنه ..
_ إن زوجك يا ابنتي رجل طيب .. ليس مهماً شكله .. المهم أخلاقه ..
وسكتت سارة .. أحست بأن الكلام لايجدي ولن يجدي .. لن تفهم أمها لانها لاتريد أن تفهم ..
لاتريد أن تعرف .. لاتريد أن تتحمل المسئولية .. أنها مثلهم .. مثل الجميع .. تريدها أن تعيش بهدوء مع زوجها رغم كل شئ ..
ذهبت سارة مع زوجها وهي تحس بغربة شديدة .. غريبة في وسط أهلها .. غريبة مع أمها .. غريبة حتى مع زوجها .. ألقت إليه نظرة جانبية وهما في السيارة متوقفين عند أشارة المرور .. وصدمت للتعابير التي رأتها مرتسمة على وجهه القبيح .. كان يبدوا خائفاً مرتعباً شاحب الوجه .. العرق الغزير يتساقط .. على وجهه بغزارة .. تابعت نظراته فوجدتها متجهة إلى المستشفى الكبير في الجهة الأخرى من الطريق .. .
زادت دهشتها وزاد استغرابها .. وحالما تابعا السير استجمعت قواها لتسأله :
_ سعيد مابك ..
_ أنا .. لا .. لاشئ ..
_ كنت أتوقع شيئاً من هذا القبيل ..
_ ماذا .. ماذا هل تتوقعين شيئاً .. مثل ماذا ..
_ أقصد كنت أتوقع أجابتك هذه هي دائماً .. لاشئ .. لاشئ ..
_ أصمتي أرجوك ..
وصمتت.. نعم صمتت .. وماذا كانت تستطيع أن تفعل وهو يأمرها بالصمت دائماً .. يريدها دائماً صامته ترى وتسمع وهي صامته .. وأخذت تفكر بصمت حتى عندما دخلت بيتها الحزين كانت تفكر .. أن أطواره .. وتصرفاته أغرب وأغرب .. لماذا كان خائفاً .. وهو بنظر إلى المستشفى .. ربما لم يكن خائفاً من المستشفى .. ربما كان هناك شخص يخيفه .. ولكنها لم تر أي شخص .. فقط رأت المستشفى الكبير كما رآه هو .. ترى أي مستشفى كان .. أنها لاتذكر بالضبط .. لقد انستها دهشتها قراءة أسم المستشفى .. إن في المدينة التي تسكنها عدة مستشفيات وليس واحداً ..
أفاقت من تفكيرها على صوت الباب الخارجي وهو يغلق ..
قامت مسرعة تحاول اللحاق به ولكنه كان قد ابتعد ..
هذه المرة شعرت با لخوف .. بالخوف الشديد يغمر كيانها .. إنها تخاف أن تنام بمفردها .. في المرات السابقة كانت متأكدة أنه سيعود ولكن هذه المرة متأكدة أنه لن يعود .. لن يعود قبل الحادية عشر من صباح اليوم التالي .. كيف تنام وحيدة في بيت كبير كهذا .. لا.. لا تستطيع هل تهاتف أمها الآن وتطلب منها أن تآتي لتنام معها .. أو تهتف أمه هو لتطلب إليها أن تآتي .. لم يعد هناك أي حل .. في كلتا الحالتين سوف تفضح نفسها وسيعرف الجميع أنها ليست زوجة سعيد .. ولكن ماذا يهمها من الجميع .. فليذهبوا إلى الجميع .. المهم أنها لاتستطيع أن تنام وحيدة .. وأم زوجها أفضل من أمها .. على الأقل أنها لاتشعرها بأنها عبء عليها .. وعزمت على هذا الأمر ..
أدارة قرص الهاتف بيد مرتجفة .. ولكن لامجيب .. أدارت الأرقام للمرة الثانية .. لامجيب ..
حاولت للمرة الثالثة والأخيرة ودقات قلبها تتسارع من شدة الخوف .. وأخيراً رد عليها صوت يغالب النوم ..
..ألو ..
وسقطت السماعة من يدها من شدة الفزع .. يإلهي إنه زوجها .

تحياتي لكم الى اللقاء مع الجزء السادس

مرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

*********الجزء السادس ***********



إنه يترك بيته وزوجته ويذهب لينام عند أمه .. هل هذا معقول .. ولماذا ؟.. وماذا يريد إذن منها حتى يتزوجها ؟.. لماذا لم يتركها في بيت أهلها ؟ لماذا لم يتركها لسريرها ومخدتها ودموعها ؟ ماذا يريد هذا الرجل ؟ .. وماذا يريدوا أهله ؟.. وماذا يريد هو منها ؟.. أغلقت سماعة الهاتف بهدوء .. وفي صدرها بركان يغلي ويوشك أن ينفجر في آية لحظة .. أسئلة كثيرة تطرق رأسها بلا جواب .. هل تستمر معه هكذا .. متزوجة وليست متزوجة .. فقط ازداد في حياتها العذاب .. وتضخمت دنياها بالحيرة
إنها بحاجة لإنسان تحكي له وتشكي .. ويشاركها شعورها وإحساسها .. هل تخبر أمها الآن بكل شئ بالتفاصيل .. ولكن أمها لا تريد أن تسمع منه شيئاً .. أي شئ .. أمها تريد منها كما ييد الجميع أن تعيش معه تحت أي ظروف ! .. وعلى أي أرض .. وفي ظل أي سماء ! .. حتى لو كنات تتعذب فهذا غير مهم .. ذهبت إلى حجرتها تجر قدميها جراً .. وسقطت على السرير .. على السرير هذه المرة .. أنه لن يآتي ولن يعرف هل نامت على السرير أم لم تنم .. ولايهمه حتى لو نامت في المطبخ ..
إنها ليست كأي عروس سعيدة تنحصر مشكلتها في معرفة هل يحبها زوجها أم لا .. إن تساؤلاتها مصيرية ومحتومة يجب الرد عليها .. يجب .. لقد أهملت حتى نفسها وازداد وجهها بشاعة .. حتى ملابسها تلبسها قبل أن تنظر إليها .. أصبح لايهمها الشكل ولا للون إن لديها شيئاً أهم ..
حتى وجهها لم تعد تعيره انتباهاً .. في الماضي كانت تجلس طويلاً أمام المرآه تتأمل عينيها الضيقتين وأنفها المحدب وشفتيها الضخمتين ..
والآن لا ترى حتى شكل فستانها حينما تلبسه .. لقد ضاقت بكل شيء .. نامت وسط دموعها كما نامت أول ليلة أتت إلى هنا .. نامت بعد أرق طويل وتفكير أنهك قواها ..
نامت نوماً متقطعاً .. تخللته احلام وكوابيس كثيرة .. وفي السابعة صباحاً نهضت وكأنها ملت النوم ..
نهضت فرحة بنور الصباح .. الآن تلاشى خوفها وقلقها اللذان أخذا منها كل مأخذ ..
تناولت إفطارها وهي تفكر بهدوء .. يجب أن تجد حلاً لكل هذا .. هنا تذكرت أمر الدرج الذي أرادت أن تكسره .. الآن .. يجب أن تكسره .. أسرعت قبل أن تنتهي من إفطارها إلى حجرة المكتبة .. وجدت كل شئ في مكانه .. كما تركته أول مرة حتى السكين وجدتها في مكانها .. لم يدخل هنا أحد بعدها .. وأخذت تعالج الدرج بكل ما أوتيت من قوة .. يجب أن يفتح وبأي طريقة .. ولكن باءت كل محاولاتها با الفشل ..
لم يفتح الدرج وإنما تحطمت أجزاء من جوانبه .. لم تر منها محتواه .. وأخذ اليأس منها كل مأخذ فشدت شعرها بغيظ وألقت بنفسها على أرض الحجرة وهي تبكي بشده .. وتجذب حواف السجاد بغضب .. وفي غمرة يأسها جاءها الفرج فجأة فقد انحسر جانب من السجاد ورأت تحتها ميدالية من الفضة تحمل مفتاحاً .. مفتاحاً واحداً فقط .. تناولته بيد مرتجفة ويدها الأخرى تمسح دموعها .. أغمضت عيناها بشدة قبل أن تحاول فتح الدرج وهي تأمل أن يكون هو المفتاح المنشود وأن تجد حلاً لكل مشكلاتها وأسئلتها ..
وفعلاً دار المفتاح في القفل بسهولة .. وفتح الدرج .. ويالها من مفاجأة .. لم تجد فيه شيئاً سوى مفكرة سوداء اللون ولا شئ آخر .. أبداً .. بحثت في كل أنحاء الدرج .. لدرجة أنها سحبته من موقعه وقلبته لتتأكد من خلوه .. وغمرها اليأس من جديد .. ورفعت يداها لتضرب بها المكتبة بقسوه .. فتذكرت أن بيدها مفكرة لاتدري محتواها .. وماذا كانت تتوقع أن تجد .. هل توقعت أوراقاً ومستندات توضح لها الحقيقة أو توقعت دماء وسكاكين .. يجب أن ترضى بما وجدته .. وفعلاً أعادت كل شئ كما كان عليه ووضعت المفتاح في مكانه .. وأخذت معها المفكرة السوداء إلى حجرتها وفتحتها .. إنها عبارة عن مذكرات يومية مكتوبة بخط أسود دقيق .. إنها فتاة تتحدث عن أيامها .. ترى من هي ..؟
إن الإسم غير مكتوب على الأطلاق .. فقط التورايخ والأيام .. ودفعها فضوليها إلى أن تقرأ في هذا الدفتر ..
الأحد 16/2
عدت اليوم من المدرسة متعبة فألقيت بكتبي على أقرب أريكة ونمت .. وصحوت بعد ساعة فقط على أصوات أخوتي وهن يتشاجرن عند رأسي .. صرخت فيهن أن يسكتن .. تحولت المشاجرة نحوي .. في ذلك اليوم ضربتني أمي وبكيت بكاءً شديداً .. لماذا أنا التي تضربني أمي دوناً عن أخواتي جميعاً .. إنها تكرهني .. ربما لأنهن جميلات أكثر مني أو ربما لأني قبيحة العائلة .. توقفت سارة عند هذا الحد من القراءة وهي سارحة بفكرها .. ترى من هي هذه الفتاة ..إن قصتها تشبه قصتها إلى حد بعيد .. إن في حياة هذه الفتاة ملامح كثير من حياتها هي .. ترى من هي ؟.. ولماذا يحتفظ زوجها بمذكراتها في درج مكتبة .. ترى هل هي تهمه إلى هذه الدرجة .. ترى هل هو يحبها .. ومضت تقرأ بلهفة شديدة ..
الخميس 20/2
اليوم رأيته .. قابلته خلسة من أهلي .. تحملت مصاعب جمة لكي أراه .. قلت لأمي أنني أريد زيارة أحدى صديقاتي .. وافقت أمي على مضض .. ولكنها طلبت مني أن ترافقني أحدى أخواتي الصغار ..
رافقتني أختي الصغرى وأخذتها وأنا واثقة بأنها لن تفهم شيئاً .. أنها في الخامسة من عمرها .. وهناك رأيته عند صديقتي .. إنه أخوها .. نظر إلي في لهفة .. وأمسك بيدي في حب .. أنه يحبني أنا متأكدة من ذلك .. أنني لست جميلة بل قبيحة ولكني واثقة من نفسي وواثقة منه هو .. سألني أن يتقدم لخطبتي ولكنني طلبت منه أن يؤجل الأمر حتى أنتهي من دراسة الثانوية .. أنه حبي وكل شئ في حياتي ..
تنهدت سارة بصوت مسموع .. إذن هي تحبه .. ترى هل زوجها هو الشخص الذي تحبه هذه الفتاة ترى هل عاش سعيد قصة حب قبل أن يتزوجها .. ومع هذه الفتاة بالذات .. وأحست بالشوق الشديد لقراءة هذا الدفتر فلربما استشفت من ورائه شيئاً .. وإلا مالذي يحدو بسعيد ‘لى أن يخفيه في درج مكتبه بالتأكيد هو من تحب هذه الفتاة .. وعادت سارة تلتهم السطور ..
الأثنين 24/2
إنني أحبه كثيراً وهو إنسان مرموق ولن يرفضه اهلي إذا تقدم لخطبتي .. ولكنني خائفة ..
منذ صغري وأنا أعتقد بأنني مختلفة عن بقية البنات .. أشعر بأنني نسيج بمفردي .. حتى أخواتي لا أشعر بأنني منهن لا أستطيع الاندماج بسهولة مع أي واحدة منهن ..
اليوم حدث خلاف حاد بيني وبين زميلتي صفاء .. ليس من عادتي أن أختلف أو أتناقش مع أية طالبة ..
حتى أخوتي أتحاشى النقاش معهن .. بطبعي أحب الوحدة والانطواء .. ولكن صفاء تعدت على كل شيء وأهانتني .. قالت لي بالحرف الواحد ..
- أنت إنسانة غريبة .. أيوجد فتاة في مثل سنك لا تعرف كيف تختار ملابسها .. ولا تضع الماكياج ..
نظرت إليها باحتقار وأنا أرد .. لا شأن لك بي .. وكلمة منها وكلمة مني تطور النقاش إلى عراك بالأيدي .. وتدخلت مجموعة من الطالبات لفك النزاع وإلا كنت مزقتها بأسناني ..
صفاء على حق فأنا بطبعي لا أحب الملابس والماكياج كأخواتي .. ربما أنا معقدة لأنني أشعر بأنني قبيحة ..
عند هذا الحد سمعت سارة المفتاح يدور في قفل الباب الخارجي

تبقى من القصة الجزء السابع والثامن (الاخير) فانتظروني

مرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

الجزء السابع *********


نظرت إلى الساعة فوجدتها الحادية عشر تماماً كما اعتاد زوجها أن يعود كل يوم .. أخفت المفكرة بسرعة تحت السرير وهي تتخيل شكله ككل يوم .. وفعلاً دخل عليها الحجرة بثيابه الممزقة والدماء تنزف من أنفه وتبلل ملابسه .. لم تفاجأ ولم تهتز لها شعرة . فقط نظرت اليه بهدوء وقالت بملل دون ان تنتظر الرد .. ماذا حدث لك اليوم ايضاً ..
كالعادة أدار لها ظهره وخرج قائلاً :
- لاشيء .. فقط معركة بسيطة مع بعض الأصحاب ..
ابتسمت بسخرة وهي تقول لنفسها .. يجب أن أكتشف السر وبأية طريقة .. أحست سارة بأن هذه المفكرة لن توضح لها الحقيقة كما كانت تتوقع .. لن تجد فيها شيئاً هاماً .. لن تجد فيها الشعاع الذي يحيل حياتها الداكنة إلى أنوار باهرة قويه تسطع منها الحقيقة ..
خرج من الحمام ودخل الحجرة وهي كما هي مكانها لاتتحرك .. وفجأة .. ومضت في ذهنها فكرة جهنمية وقررت تنفيذها وبأسرع مايمكن .. أنه اختبار بسيط .. لترى مدى استجابته لها .. وقف ينظر إليها بذهول وهي مستلقية على السرير بإسترخاء ..
أفاق من ذهوله بسرعة وهو يقول لها :
- سارة .. أريد أن أنام .. من فضلك أخرجي من الحجرة ..
تمطت وهي تقول :
- ولكنني أريد أن أنام ..
- لا أرجوك .. لا .. أخرجي ..
- إنني لم أنم البارحة من شدة الخوف .. إنني لا أستطيع النوم بمفردي ..
- أرجوك ..
- أرجوك أنت أرحمني .. أن حياتي معك كلها ألغاز .. منذ تزوجتك وأنا لا أعرف طعم الراحة ولكن أن تتركني أنام بالبيت بمفردي .. كلا .. وألف كلا .. أنام في بيت أهلي أفضل لي .. أنني .. وتوقفت فجأة عن الكلام .. راعها مارأت على وجهه من ملامح الألم والخوف .. أحست بأنه في صراع شديد مع نفسه .. وفعلاً أنبثقت الدموع من عينيه .. وتحدرت الدموع لتغرق وجهه وحاول كتم شهقة بكاء ولكنه لم يستطع ..
نظرت إليه في دهشة ممزوجة بالشفقة وكادت تبكي لمنظره المحزن .. ولكنها خرجت بسرعة من الحجرة لتتحاشى إحراجه .. وألقت بنفسها على مقعد كبيـر في الصالة .. وصدرها يعلو ويهبط من شدة الإنفعال وأخيراً .. أخيراً جداً .. هدأت .. وأخذت تفكر بهدوء مثبتة نظراتها في إتجاه واحد لايتغير
لماذا فعل ذلك .. ؟
لماذا لايريد أن يقربها ابداً ؟ .. إنه يكذب .. أنه ليس مريضاً .. فلو كان مريضاً حقاً لحاول على الأقل ولو مجرد محاولة .. أو حتى لم يجزع عندما يراها مستلقية على السرير وترفض أن تغادره ..
ولماذا يبكي بهذا الشكل ؟ إنها تخاف من ذلك .. إنها لم تر أبداً رجل يبكي .. أبوها لم يبكي قط أمامها حتى أخوتها لم تر احداً منهم باكياً على الإطلاق .. وكانت تسمع أمها دائماً تقول :
- إن البكاء يعيب الرجال .. ولكن .. هذا ليس مهماً .. ليس مهماً أن يبكي .. المهم هو مالذي يبكيه ..
والآن ماذا تفعل ؟ هل تتركه وتذهب إلى بيت أبيها ؟ ياإلهي وماذا سيقول الناس عنها .. بل كيف سيواجهها اهلها .. وأمها .. إنه لم يمض على زواجهما أيام .. سيقولون عنها الأقاويل ....
وسيضربها أبوها وستقول لها أمها :
<< إنه إنسان نبيل وأنت لاتستحقينه >> .. لن يفهم أحد .. ولن يقدر أحد .. ولكن ماذا تفعل بهذا العذاب الذي اصبح ينوء بحمله كاهلها .. إنها لاتستطيع أن تتحمل هذا كله ولكن كيف ؟ .. كيف تبقى في بيت كهذا بمفردها ليلاً ؟ .. بل حتى ليلاً ونهاراً !! .. ومضت ساعة وهي في نفس المكان .. وعلى نفس الأريكة وفي نفس الدوامة .. وفي عينيها نفس النظرة المذهولة .. وطرأت على ذهنها المفكرة السوداء .. أحست بحنين إليها .. لقراءتها .. لا لتبحث فيه عن الحقائق كما أرادت في البداية . ولكن لتعرف ماذا حدث لهذه الفتاة بعد ذلك .. لا تدري لماذا اهتمت بأمرها .. ربما لأنها تشبهها في كل شيء .. في تصرفاتها .. في احساسها .. في دمامتها .. وفكرت بسرعة كيف تأخذ المفكرة وزوجها ينام فوق السرير الذي وضعتها تحته ..
لتحاول أن تدخل بهدوء وعلى أطراف أصابعها .. فإنها لا تحتمل أن تجلس كل هذه الساعات وحيدة بانتظار استيقاظه من النوم .. إنها لا تحتمل .. لا تحتمل على الإطلاق ..
وفعلاً .. فتحت الباب بهدوء شديــد .. ولكن سمرتها المفاجأة أمام الباب المفتوح لاتقوى على الدخول ..
فتحت عينيها وأغلقتها بشدة لتتأكد مما تراه .. وأذهلتها المفاجأة .. إنه نائم .. نعم ولكنه يحتضن ثوباً اصفر .. ثوب امرأة .. لا .. ليس أحد ثيابها .. إنها لاتحب اللون الأصفر .. وفي حياتها لم يكن لها ثوباً اصفر .. إذن ثوب من هذا الذي يحتضنه بشدة وكأنه يحتمي به من شرور الدنيا ..
ربما هو ثوب المرأة التي يحبها .. أو ربما هو متزوج بأخرى غيرها .. وهذا هو ثوبها .. ولكنها لم تر هذا الثوب قبل الآن .. ترى مالذي جاء به إلى هنا إنها لم تر في يديه أي ثوب وهو يدخل إلى البيت ولم تر هذا الثوب أبداً في البيت .. ضربت قبضة يدها في الباب بعنف .. ألتفتت خوفاً أن يكون قد أحس بشيء .. ولكنه كان كالميت لايحس بشيء .. فقط تقلب من جانب إلى الجانب الآخر .. والثوب لايزال بين ذراعيه .. نظرت إليه بغضب وهي تود لو تخنقه .. وقالت بصوت هامس .. << تباً له إنه كومة من الأسرار .. ليتني أستطيع أن أتخلص منه >> ..
وبحركة خاطفة أخذت الكتاب من تحت السرير وخرجت .. واستلقت على الأريكة في الصالة وأخذت تقرأ ..
الأحد 1/3
لم أذهب اليوم إلى المدرسة .. إنني أكرهها .. وليتني لا أذهب إليها أبداً .. أكره كل شيء فيها .. أكره حتى صديقاتي .. أنني لا أشعر بالإنتماء اليها ابداً .. أشعر بالغربة الشديدة فيها ..
أتت أمي في الصبح لإيقاظي من النوم مع أخواتي ولكنني تظاهرت بالمرض وبقيت في السرير أتقلب من جنب إلى جنب .. وفي العاشرة صباحاً أخذت الهاتف إلى حجرتي .. إنها فرصة لاحادثه .. فلن أستطيع أن احادثه وسط ضجة أخواتي .. ولكنني لم أجده في المكتب .. أو ربما رفض أن يتحدث إلي .. لقد بدأ يتهرب مني .. إنني أشعر بهذا منذ فترة قصيرة .. معه حق .. هو يريد الزواج وأنا أتهرب منه وكيف لا أهرب من الزواج وأنا اشهر بأنني لست طبيعية كبقية البنات .. إنني في السابعة عشرة والدورة الشهرية لم تأتني بعد .. أنني أخاف أن اسأل أمي في هذا .. أخاف أن اسأل أي انسان ..
وفي هذه اللحظة سمعت سارة صوت الهاتف يرن وتناولت سماعة الهاتف بيدها وسمعت صوت أم سعيد يجيبها :
- سارة كيف حالك وكيف حال سعيد ..
ردت عليها سارة بصوت بارد لا حياة فيه :
- نحن بخير ..
- ماذا بك ياسارة هل أنت متعبة ..
- كلا ياخالتي ولكنني لم أنم ليلة البارحة .
لم ترد أم سعيد وسمعت سارة صوت تهدج أنفاسها من سماعة التليفون .. وأخيراً قالت بصوت قلق :
- لابأس عليك .. المهم ياسارة إننا ننتظركم الليلة على العشاء انت وسعيد .. لاتنسي .. مع السلامة ..
وأقفلت السماعة دون ان تنتظر الرد .. وأسرعت سارة تحتضن المفكرة بلهفة شديدة وفتحتها بسرعة لتقرأ ..
السبت 7/3
يالها من مفاجأة كبيرة زلزلت كياني .. إنني لا استطيع أن اصدق .. حتى أمي وأبي اصيبوا بصدمة شديدة لايزالون يعانون منها حتى الآن .. ولكنهم على الأقل فرحون .. كلهم سعداء ..ولكن ماشعوري أنا بالضبط ..
إنني لا أدري هل أفرح أم أحزن ؟ هل حقاً سأتحول إلى رجــــــــل ..
هنا توقفت سارة عن القراءة وهي لاتكاد تستطيع أن تبلع ريقها من شدة الإنفعال .. وعادت إلى القراءة ..
هل حقاً سأتحول إلى رجل .. أن الطبيب أخبرنا بذلك اليوم .. وقال لابد من إجراء عملية عاجلة لتحديد الجنس .. ياإلهي سأتحول إلى رجل بعد فترة قصيرة لاتتجاوز الأسابيع .. إنني لا أحتمل الفكرة .. رغم أنني كنت أعاني في حياتي السابقة من عدم اندماجي في حياة البنات .. ماذا أفعل وكيف أتصرف في عالم الرجال ..؟
إن أمي فرحة جداً وأبي فخور .. ويقول بأن الله حقق له أمله أخيراً في أن يكون له ولد وسط خمسة بنات ..
توقفت سارة عند هذا الحد ودموعها تكاد تطفر من عينها .. مامعني هذا .. هل يعقل .. هل تتصور هل يمكن ؟؟ وكيف وأين ومتى ولماذا ؟؟ ترى هل سعيد هو الذي تزوجته يمكن أن يكون هو الفتاة صاحبة دفتر المذكرات هذا ! ؟ ..
******************************



وانتظروا الجزء الأخير قريباً

اختكم.. مرام
 
مشاركة: قصة الزوجة العذراء

ًالجزء الاخير **********

ترى هل كان فتاة في يوم ما .. إن هذا يفسر كل شيء .. لا تحتاج ابداً لتفسير أكثر من هذا .. واقشعر بدنها من بشدة وهي تتخيل أنها تعيش مع فتاة كزوج وزوجة ..
وأغمضت عينيها وكأنها تنفي هذا الإحتمال .. ولكن .. لماذا ياربي .. لماذا يكون هذا هو نصيبها من الدنيا .. أرادت أن تعيش بسعادة فعاشت التعاسة كلها ..
وفكرت هل تكمل قراءة هذه المذكرات .. ولكنها تشعر بغثيان شديد .. فأسرعت إلى الحمام لتلقي ما في جوفها .. واستسلمت إلى الاريكة بعد ما لاقته .. وأغمضت عينيها لترتاح قليلاً ولكنها نامت .. نامت دون أن تدري وفتحت عينيها لتجده أمامها بكامل ثيابه والمفكرة في يده .. تذكرت ماحدث .. فشعرت بالخوف يسري في بدنها كله .. وأحست أنها مريضة .. مريضة جداً نظر إليها بقلق ويداه ترتجفان .. وقدماه ترتعدان .. أن بدنه كله يهتز بعنف ..
وبدرها قائلاً ونظرات القلق واضحة في عينيه :
- سارة .. جاوبيني بصراحة .. ماذا عرفت بالضبط .. وماذا قرأت في هذه المفكرة ..
تكلمت دون أن تنظر إليه ..
- عرفت كل شيء ..
- ماذا عرفت بالضبط ؟ ..
- عرفت كل ما ينبغي أن أعرفه منذ زمن بعيد .. ولآن يجب أن أفهم ماموقفي بالضبط .. وماهو دوري الذي من المفروض أ ن أقوم به في حياتك ..
- سارة .. سأقول لك كل شيء ولك حرية الاختيار ..
ولكن عديني أولاً .. أن كل مايقال بيننا لايعرفه أحد ..
همست بصوت مبحوح .
- أعدك ..
- لقد كنت اتمنى أن أصارحك بكل شيء منذ البداية .. ولكنني خفت .. خفت أن تسيئي فهمي ..
وخفت أكثر أن تخبري أهلك بما أقوله لك فتحدث الكارثة ..
- إنني .. ؟
- أرجوك لاتقاطعيني حتى أتم حديثي معك .. صدقيني كنت أنوي أن أخبر ك ولكنني كنت أضعك تحت الاختبار .. وفعلاً خلال تلك الأيام .. لم تصدر منك أية كلمة .. ولتتأكدي من صدق نواياي .. لقد كنت سأخبرك بكل شيء الليلة .. أنا وأمي .. ولأثبت لك هذا فإن أمي اتصلت بك اليوم لتدعونا عندها الليلة .. أليس كذلك ؟..
وأومأت برأسها دون أن تتحدث .. كانت متعطشة لتعرف كل شيء .. كل شيء .. وتابع سعيد حديثه ..
- لقد كنت فتاة .. نعم فتاة .. أذهب إلى المدرسة وألعب .. وكل شيء أفعله كبقية الفتيات ولكنني كنت حائرة .. أشعر بأن هذا العالم ليس عالمي .. وهذه الدنيا ليست دنياي .. وفعلاً بعد أن ذهبت للطبيب لإجراء فحص .. طلب الطبيب بأن تجرى جراحة عاجلة لأتحول إلى ذكر
همست سارة وكأنها تخاف أن تجرحه ..
- أعرف هذا ..
ورد سعيد
- ولكنك لاتعرفين ماحدث بعد هذا .. صحيح أمي فرحت وأبي رقص طرباً .. وأخواتي جميعاً افتخروا بي .. إلا أنني كنت أتمزق .. أشعر بأنني باهت الشخصية .. ليست لي ملامح معينة .. لا أنتمي لأي جنس .. وعشت فترة رهيبة قاسيت فيها الأمرين .. وكنت أتعذب فعلاً لم اندمج لعالم الرجال .. وأشعر بحنين جارف لعالمي الأول .. عالم النساء ....
فذهبت إلى الطبيب طالباً منه أن أعود كما كنت فرفض رفضاً قاطعاً وطردني من عيادته .. ولما رأت أمي حالتي تلك رأت أن تزوجني ..
تكلمت سارة بهدوء ..
- وأنا كنت من وقع عليها الاختيار .. ولكن لماذا ؟
صمت سعيد قليلاً قبل أن يقول :
- ولكن .. لن تغضبي لو أخبرتك ؟
أشاحت بوجهها وهي تقول :
أعلم .. لأنني انسانة قبيحة شوهاء وبالتأكيد سأوافق بسرعة .. وسأرضى بأي شيء ولن أتكلم ..
ابتسم سعيد ورد عليها بصوت هادئ :
_ ليس هذا بالضبط .. ولكنني كنت مقدماً على تجربة رهيبة وخطيرة جداً بالنسبة لي شئ لم يحدث أبداً في حياتي ..
ورأت أمي أن أجرب ولن أخسر شيئاً .. وقالت لتكن زوجتك فتاة بسيطة لاتعترض على شئ ..
ونظر إليها طويلاً قبل أن يتابع :
_ وهذا ماحدث ..
وسألته سارة :
_ ولكن لماذا تنام كل ليلة في بيت أمك ..؟
_ قلت لك بأنني قررت أن أجرب .. ولكن في ليلة الزواج كرهت الفكرة ككل .. وأحسست بأنني أشمئز من كل شي .. ولم أطق البقاء في بيت واحد معك .. وأشعر بأنني أظلمك معي دون ذنب ارتكتبه .. وكانت أمي تحاول أن تعيدني إليك ولكنني كنت أرفض رفضاً قاطعاً ..
_ إذن .. لماذا تعود كل يوم على هذه الحالة المزرية ؟..
_ أشعر بصراع نفسي رهيب .. أريد أن أعود الى حالتي الأولى ولكن وجودك في عالمي يقيدني يجعلني أحس أنني رجل وأن هناك زوجة تنتظرني .. ولكنني كنت أتمزق فكنت في كل صباح وبعد أن أصحو من النوم أذهب الى المستشفى وأطلب مقابلة الطبيب .. ويرفضون لأنهم يعرفوني فأصرخ بأعلى صوتي طالباً أن أعود الى حالتي الاولى ..
فيلقون بي في الخارج وأعود مرة أخرى وأفتعل الشجار معهم ليدخلوني .. وأبقى أنتظر الطبيب حتى الحادية عشر لأنه بعد ذلك كنت مصراً على يعيدني إلى حالتي الأولى ..
تكلمت سارة فخرج صوتها مهتزاً مرتجفاً ..
_ ولآن ..
_ الآن لك أنت كل الخيار .. أما أن تحتمليني على هذه الحلة التى أنا فيها الآن .. ربما أعود فتاة ربما أعود رجلاً .. أو الفراق ..
_ ولماذا لم تحدد ماتريد قبل أن تتزوجني ..
_ لم أكن أعلم أن هذا سيحدث لي .. أقنعتني أمي بأن حالي سيتحسن بعد الزواج .. وسأصبح رجلاً ككل الرجال .. ولكنها أخطأت بالتأكيد فظلمتك معي ..
ولكن ربما سأتجاوز هذه الفترة بنجاح بفضلك وأبقى مديناً لك بقية الحياة ..
وجاء صوتها بارداً لاحياة فيه :
_ ولماذا أبقى .. هل تحبني ؟
_ أنني لم أحب في حياتي إلا شخصاً واحداً ..
_ أعرف .. وأين هو هذا الشخص ..
_ لقد تركني منذ فترة طويلة .. وأعتقد الآن أنه متزوج ولديه أطفال ..
هل أترك لك فرصة لتفكرين ..
_ لاوقت للتفكير .. أريد أن أعود الى بيت أهلي وأتمنى أن نبقى أصدقاء ..
_ كما تشائين .. ولكن كيف أطلقك ونحن لم نتزوج إلا منذ فترة بسيطة .. ماذا سيقول أهلك ..؟
وماذا سيقول الناس ؟.
_ لايهم .. أنا أعرف كيف أتصرف ..
وفعلاً عادت سارة إلى بيت أهلها في نفس الليلة .. بعد أن اتفقت مع سعيد على أن يختفي شهراً على الأقل .. وأخبرت أهلها بأنه سافر في مهمه تتعلق بالعمل وواجهت نظراتهم المتسائلة بدهشة .. ..
بنظرات قويه .. لاتخشى شيئاً .. وبعد شهر وصلتها ورقة الطلاق وسط صرخات أمها وبكاء أختها وجزع أبيها وقلق أخوتها .. ولكنها بقيت كما هي لاتهتز لها شعرة .. لا تتكلم ولا حتي تبكي .. أخذتها أمها على انفراد وهي تسألها ..
- ما الذي حدث ياسارة .. لماذا طلقك بهذه السرعة ؟
- لا أدري ..
- كيف لا تدرين وانت لم تعيشي معه إلا أياماً ..
- لا أدري ..
_ كيف لاتدرين وأنت لمتعيشي معه إلا أياماً ..
_ لاأدري..
لم تخبر ـمها بشئ ولم تظفر منها أمها بطائل ..
وتناقشت أمها مع أبيها طويلاً في موضوع طلاقها .. ورفض أبوها أن يذهب أليه ليتفاهم معه ..
ورفضت هي أن تعود .. وبقيت الأم تبكي وتلطم خديها وتعي حظ ابنتها الثانية مريم قائلة بأن هذا سيؤثر على مستقبلها في الزواج ..
وبعد ستت أشهر من طلاقها .. حضرت فتاة لزيارتها .. استقبلتها أمها بدهشة فلم يسبق أن زارت سارة صديقة .. ولكن أخبرت الأم بأنها صديقة سارة منذ أيام زواجها ..
ابتسمت سارة وهي تستقبلها وقالت لها بفرحة ..
_ أذن تحدد مستقبلك ..
إنها زوجها سعيد عاد الى أصله وطبيعته .. وجاءت لزيارتها


ومشكورررررررررررين على عدم التواصل :(
 
عودة
أعلى