حنين الحلم
New member
- إنضم
- 24 يوليو 2011
- المشاركات
- 57
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
الدعاء ودرجات الرضا والقرب من الباري عز وجل
إن الإنسان قد حوّل الدعاء الشريف -مع الأسف- من دعاءٍ إلى تلاوةٍ!.. إذ أن هناك فرقا بين أن يدعو الإنسان ربه، وبين أن يتلو الدعاء!.. فالدعاء عمل من أعمالِ القلب.. فعندما يدعو الإنسان ربه، أي أنه يُوجد حُزمة نورية، متصلة بين قلبه وبين العرش، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. لأنه عندما يدعو يعيش وجود المخاطب، ويقترب من المدعو، فتتولد عنده مشاعر ممزوجة بين: الحب، والرغبة، والخوف، والمسكنة.. فينظر إلى افتقاره ومسكنته، فيتفاعل ويتفاعل، وأعصاب سلسلته العصبية تُوجد ارتباطاً بين القلب والعين، وإذا بالدموع تجري!.. هذه الحركة الدعائية نابعة من تلك اللطيفة الربانية، التي هي من الله -عز وجل- وإليه.
- إن كلمة {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.. كلمة إنما تدل على روح العبد، وإلا فإن هذا البدن لا قيمة له، ليكون من الله وإليه.. فهو لا يرجع إلى الله عز وجل، إنما هو عبارة عن دابة نركبها إلى المقصد، ثم ندفنها في التراب، ونكمل المسيرة.. فهذا البدن زميلنا إلى مرحلة من مراحل هذه الحركة التكاملية، ثم يُرمى جانباً.. ويوم القيامة يركبنا رب العالمين دابة أخرى، وإن كانت هذه الدابة الأخرى موادها مأخوذة من تلك الدابة القديمة المتلفة.. فالإنسان في بعض سفراته ينتقل بالسيارة إلى المطار، وثم بعد ذلك يركب الطائرة، وعندما يصل إلى إحدى الموانئ يركب الباخرة!.. فهذه أدوات تنقل، ومحور الحركة، هو ذلك الإنسان الذي يستقل وسيلةً من الوسائل، وينتقل من وسيلةٍ إلى وسيلة.
- فإذاً، إن الدعاء حركة نابعة من القلب.. فبعض الأولياء يتفاعل بقلبه مع المولى، إلى درجةٍ أنه يُفضل أن لا ينشغل بالألفاظ!.. فهو يدعو بقلبه في حالِ الطواف، وعند الحطيم، وتحت الميزاب، وفي المسعى.. ولا يقرأ دعاءً مكتوباً؛ لأنه يفقد حالة الحديث والمناجاة مع ربه!.. فالمحبون يتكلمون بالنظرات والإشارات، ولا يحتاج الأمر إلى كلامٍ كثير!.. ولكن نحن لعدم وجود هذه الألفة، والأنس مع عالم الغيب، نكتفي بقراءة الدعاء!.. وعلامة ذلك حالة الملل، وعدم الرغبة!.. إذ أن أحدنا يقرأ الدعاء، وهمه آخر الدعاء، وخاصة في ليالي القدر، عندما يقرأ هذا الدعاء المظلوم "دعاء الجوشن" يقول: (خلصنا من النار يا رب)، ولسان حاله: (خلصنا من هذا الدعاء يا رب)!..
- إن هنالك بحثا بين العلماء: هل الدعاء اللفظي فيه أجرٌ أم لا؟.. فالتكامل القربي مفروغ من عدمه؛ لأن القرب متوقف على الدعاء الصادر من القلب.. ولعل الرأي الذي هو أقرب إلى رحمة الله –عز وجل–: أن هنالك أجرا ما ولو كان أجراً بسيطاً؛ لأن اللسان الذي يذكر الله -عز وجل- في ليلة الجمعة ولو ساهياً، ليس كمن لا يدعو أصلاً!.. ولا ينبغي أن نخلط الأوراق.. إذ أن هناك فرقا بين إنسان يفتح كتاب مفاتيح الجنان في منزله، ويقرأ دعاء كميل بلا توجه، وبين إنسان- وخاصة في ليلة الجمعة- يمضي ساعة في الطريق ليأتي إلى المسجد، ثم يرجع إلى منزله.. فيكون قد قضى ليلة الجمعة ذهاباً وإياباً إلى المسجد.. هب أنه لم يتفاعل أثناء الدعاء؟!.. ولكن هذه الحركة محسوبة عند الله -عز وجل-.. ومن هنا الدعوة لإقامة الصلاة في الجماعة والجمعة؛ لأن الصلوات الساهية التي لا خشوع فيها في الجُمع والجماعات لها وزنها عند الله.. وذلك لأن الإنسان قد تكلف هذه الحركة ذهاباً، إياباً.. فعن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قبله معلق بالمساجد...).
- آداب الدعاء:
أولا: اختيار الفقرات المناسبة.. إن الإنسان ليس ملزماً بقراءة الدعاء من أوله إلى آخره!.. فهذا طعام معنوي، بإمكانه أن يقرأ قسماً من الدعاء، وإذا وصل إلى فقرة، ورأى أن هذه الفقرة أشجى للمشاعر، كأن يصل في دعاء كميل إلى فقرة: (إلهي وربي!.. من لي غيرك)؟.. وإذا به يرى نفسه: يتيما، فقيرا، لا وظيفة له، ولا زوجة، ولا مأوى له.. فيعيش حالة الغربة والوحشة.. وإذا تجاوز هذه الفقرة، من الممكن أن يفقد حالة التوجه!.. لذا فإن العلماء ينصحون بالبقاء في هذه الفقرة، إلى أن يأخذ الرحيق أو الشهد الكافِ من هذه العبارة!.. ثم ينتقل إلى الفقرات الأخرى.. حتى أن المتخصصين في فن القرب إلى الله -عز وجل- يقولون: أن المصلي إذا رأى إقبالاً في فقرة من فقرات الصلاة، ويخشى أن تفوت منه هذه الحالة إذا انتقل للفقرة الأخرى، فليدم على هذه الحالة.. فإذا أدركته الرقة في القنوت، فإن في الرسالة العملية يذكرون بأنه يجوز للإنسان أن يتكلم بغير العربية!.. وهنالك خلاف فقهي، أن هذا لا يعد قنوتاً شرعياً، ولكن لا يُبطل الصلاة.. فإذاً، إن على الإنسان أن يختار من فقرات الدعاء، ما يتناسب مع مزاجه.
ثانياً: اختيار المكان المناسب.. إن بعض الناس بعد طعام العشاء في ليلة الجمعة، يخشى أن تفوته فضيلة هذا الدعاء؛ فيقرأ هذا الدعاء بحالة ساهية.. والبعض في حال الطواف، يقرأ فقرات بليغة كمن يتكلم بمضامين من دعاء أبي حمزة: (فما لي لا أبكي؟.. أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي.... ارحمني صريعاً على الفراش، تقلبني أيدي أحبتي.. وتفضل علي ممدوداً على المغتسل، يقلبني صالح جيرتي.. وتحنن علي محمولاً، قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي.. وجد علي منقولاً، قد نزلت بك وحيداً في حفرة.. وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي)!.. بينما حالته الظاهرية لا تتناسب مع هذه المضامين.. فهذا الإنسان يُبتلى بقسوة القلب، بعد ذلك عندما يريد أن يتفاعل مع هذا الدعاء في ليلة القدر.. وذلك بسبب التكرار الكثير الذي لا تفاعل فيه.
ثالثا: اختيار الوقت المناسب.. كما ينبغي اختيار الزمان المناسب، فللزمان تأثيره المادي والمعنوي في تقبل الدعاء وتحققه، وأفضل أوقات الدعاء: عند السحر، وعند زوال الشمس، وبعد المغرب، وأفضلها يوم الجمعة.. وكذلك الدعاء إثر الصلاة الواجبة، وعند قراءة القرآن، وعند الآذان، وعند نزول الغيث.. فلينظر الإنسان إلى ساعة النشاط!.. وهنيئاً لمن كان له مصلى في المنزل!.. عليٌّ –عليه السلام– اتخذ بيتاً لا بالصغير ولا بالكبير، خاليا من كل ما يُشغل، وكان عليٌّ –عليه السلام- يتخذ من هذه الغرفة مكاناً للمناجاة مع ربه في كل وقت.. فالمؤمن في حال الاحتضار، يستحب أن يُنقل إلى مصلاه، حيث كان يناجي ربه.. حتى من باب علم النفس التجريبي هنالك حالة من التلازم.. فهذه السجادة التي طالما بكى عليها، وهذه التربة التي ينظر إليها.. عندما يراها يتذكر الأيام التي كان يعيش فيها حالة الأنس مع المولى.
ومن اهل المعرفة وضع في محل عبادته صورة، كان قد كتب فيها لفظ الجلالة بأنوارٍ مضيئةٍ؛ كي تقع عينه على لفظ الجلالة وهي مضيئة له أثناء الصلاة.. فإن كان ولابد من النظر إلى شيء مادي أثناء الصلاة، فليكن إلى ما يرمز إلى المولى ولو لفظاً!.. فنحن محرومون من الأنس بعالم الغيب بمعناه الواقعي، فلنحاول أن نسلي أنفسنا بلفظ الجلالة.
- إن من العبارات التي تفتح باب الأمل كثيراً، تلك العبارات المنقولة في آخر دعاء كميل: (واجعلني من أحسن عبيدك نصيباً عندك، وأقربهم منزلةً منك، وأخصهم زلفةً لديك.. فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك).. وكل إنسان مشروعٌ لأن يحقق هذه العبارات، التي هي عبارات مثالية جداً، وأشبه بالأسطورة، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن دعاء كميل هو عبارة عن إملاء علي بكتابة كميل، وهذا يعطي قوة لمضامين هذا الدعاء الشريف.. روى السيد في الإقبال أن كميل بن زياد قال: كنت جالسا مع مولاي أمير المؤمنين -عليه السلام- في مسجد البصرة، ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم: ما معنى قول الله عز وجل: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)؟.. قال عليه السلام: (ليلة النصف من شعبان، والذي نفس علي بيده!.. أنه ما من عبد إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر، مقسوم له في ليلة النصف من شعبان، إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر -عليه السلام- إلا أجيب له).. فلما انصرف طرقته ليلا، فقال عليه السلام: ما جاء بك يا كميل؟.. قلت: يا أمير المؤمنين، دعاء الخضر!.. فقال: (اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء، فادع به كل ليلة جمعة، أو في الشهر مرة، أو في السنة مرة، أو في عمرك مرة.. تكف وتنصر وترزق، ولن تعدم المغفرة.. يا كميل!.. أوجب لك طول الصحبة لنا، أن نجود لك بما سألت، ثم قال: اكتب...).
منقوووووول
نسألكم الدعاااااااااااء
إن الإنسان قد حوّل الدعاء الشريف -مع الأسف- من دعاءٍ إلى تلاوةٍ!.. إذ أن هناك فرقا بين أن يدعو الإنسان ربه، وبين أن يتلو الدعاء!.. فالدعاء عمل من أعمالِ القلب.. فعندما يدعو الإنسان ربه، أي أنه يُوجد حُزمة نورية، متصلة بين قلبه وبين العرش، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. لأنه عندما يدعو يعيش وجود المخاطب، ويقترب من المدعو، فتتولد عنده مشاعر ممزوجة بين: الحب، والرغبة، والخوف، والمسكنة.. فينظر إلى افتقاره ومسكنته، فيتفاعل ويتفاعل، وأعصاب سلسلته العصبية تُوجد ارتباطاً بين القلب والعين، وإذا بالدموع تجري!.. هذه الحركة الدعائية نابعة من تلك اللطيفة الربانية، التي هي من الله -عز وجل- وإليه.
- إن كلمة {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.. كلمة إنما تدل على روح العبد، وإلا فإن هذا البدن لا قيمة له، ليكون من الله وإليه.. فهو لا يرجع إلى الله عز وجل، إنما هو عبارة عن دابة نركبها إلى المقصد، ثم ندفنها في التراب، ونكمل المسيرة.. فهذا البدن زميلنا إلى مرحلة من مراحل هذه الحركة التكاملية، ثم يُرمى جانباً.. ويوم القيامة يركبنا رب العالمين دابة أخرى، وإن كانت هذه الدابة الأخرى موادها مأخوذة من تلك الدابة القديمة المتلفة.. فالإنسان في بعض سفراته ينتقل بالسيارة إلى المطار، وثم بعد ذلك يركب الطائرة، وعندما يصل إلى إحدى الموانئ يركب الباخرة!.. فهذه أدوات تنقل، ومحور الحركة، هو ذلك الإنسان الذي يستقل وسيلةً من الوسائل، وينتقل من وسيلةٍ إلى وسيلة.
- فإذاً، إن الدعاء حركة نابعة من القلب.. فبعض الأولياء يتفاعل بقلبه مع المولى، إلى درجةٍ أنه يُفضل أن لا ينشغل بالألفاظ!.. فهو يدعو بقلبه في حالِ الطواف، وعند الحطيم، وتحت الميزاب، وفي المسعى.. ولا يقرأ دعاءً مكتوباً؛ لأنه يفقد حالة الحديث والمناجاة مع ربه!.. فالمحبون يتكلمون بالنظرات والإشارات، ولا يحتاج الأمر إلى كلامٍ كثير!.. ولكن نحن لعدم وجود هذه الألفة، والأنس مع عالم الغيب، نكتفي بقراءة الدعاء!.. وعلامة ذلك حالة الملل، وعدم الرغبة!.. إذ أن أحدنا يقرأ الدعاء، وهمه آخر الدعاء، وخاصة في ليالي القدر، عندما يقرأ هذا الدعاء المظلوم "دعاء الجوشن" يقول: (خلصنا من النار يا رب)، ولسان حاله: (خلصنا من هذا الدعاء يا رب)!..
- إن هنالك بحثا بين العلماء: هل الدعاء اللفظي فيه أجرٌ أم لا؟.. فالتكامل القربي مفروغ من عدمه؛ لأن القرب متوقف على الدعاء الصادر من القلب.. ولعل الرأي الذي هو أقرب إلى رحمة الله –عز وجل–: أن هنالك أجرا ما ولو كان أجراً بسيطاً؛ لأن اللسان الذي يذكر الله -عز وجل- في ليلة الجمعة ولو ساهياً، ليس كمن لا يدعو أصلاً!.. ولا ينبغي أن نخلط الأوراق.. إذ أن هناك فرقا بين إنسان يفتح كتاب مفاتيح الجنان في منزله، ويقرأ دعاء كميل بلا توجه، وبين إنسان- وخاصة في ليلة الجمعة- يمضي ساعة في الطريق ليأتي إلى المسجد، ثم يرجع إلى منزله.. فيكون قد قضى ليلة الجمعة ذهاباً وإياباً إلى المسجد.. هب أنه لم يتفاعل أثناء الدعاء؟!.. ولكن هذه الحركة محسوبة عند الله -عز وجل-.. ومن هنا الدعوة لإقامة الصلاة في الجماعة والجمعة؛ لأن الصلوات الساهية التي لا خشوع فيها في الجُمع والجماعات لها وزنها عند الله.. وذلك لأن الإنسان قد تكلف هذه الحركة ذهاباً، إياباً.. فعن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قبله معلق بالمساجد...).
- آداب الدعاء:
أولا: اختيار الفقرات المناسبة.. إن الإنسان ليس ملزماً بقراءة الدعاء من أوله إلى آخره!.. فهذا طعام معنوي، بإمكانه أن يقرأ قسماً من الدعاء، وإذا وصل إلى فقرة، ورأى أن هذه الفقرة أشجى للمشاعر، كأن يصل في دعاء كميل إلى فقرة: (إلهي وربي!.. من لي غيرك)؟.. وإذا به يرى نفسه: يتيما، فقيرا، لا وظيفة له، ولا زوجة، ولا مأوى له.. فيعيش حالة الغربة والوحشة.. وإذا تجاوز هذه الفقرة، من الممكن أن يفقد حالة التوجه!.. لذا فإن العلماء ينصحون بالبقاء في هذه الفقرة، إلى أن يأخذ الرحيق أو الشهد الكافِ من هذه العبارة!.. ثم ينتقل إلى الفقرات الأخرى.. حتى أن المتخصصين في فن القرب إلى الله -عز وجل- يقولون: أن المصلي إذا رأى إقبالاً في فقرة من فقرات الصلاة، ويخشى أن تفوت منه هذه الحالة إذا انتقل للفقرة الأخرى، فليدم على هذه الحالة.. فإذا أدركته الرقة في القنوت، فإن في الرسالة العملية يذكرون بأنه يجوز للإنسان أن يتكلم بغير العربية!.. وهنالك خلاف فقهي، أن هذا لا يعد قنوتاً شرعياً، ولكن لا يُبطل الصلاة.. فإذاً، إن على الإنسان أن يختار من فقرات الدعاء، ما يتناسب مع مزاجه.
ثانياً: اختيار المكان المناسب.. إن بعض الناس بعد طعام العشاء في ليلة الجمعة، يخشى أن تفوته فضيلة هذا الدعاء؛ فيقرأ هذا الدعاء بحالة ساهية.. والبعض في حال الطواف، يقرأ فقرات بليغة كمن يتكلم بمضامين من دعاء أبي حمزة: (فما لي لا أبكي؟.. أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي.... ارحمني صريعاً على الفراش، تقلبني أيدي أحبتي.. وتفضل علي ممدوداً على المغتسل، يقلبني صالح جيرتي.. وتحنن علي محمولاً، قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي.. وجد علي منقولاً، قد نزلت بك وحيداً في حفرة.. وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي)!.. بينما حالته الظاهرية لا تتناسب مع هذه المضامين.. فهذا الإنسان يُبتلى بقسوة القلب، بعد ذلك عندما يريد أن يتفاعل مع هذا الدعاء في ليلة القدر.. وذلك بسبب التكرار الكثير الذي لا تفاعل فيه.
ثالثا: اختيار الوقت المناسب.. كما ينبغي اختيار الزمان المناسب، فللزمان تأثيره المادي والمعنوي في تقبل الدعاء وتحققه، وأفضل أوقات الدعاء: عند السحر، وعند زوال الشمس، وبعد المغرب، وأفضلها يوم الجمعة.. وكذلك الدعاء إثر الصلاة الواجبة، وعند قراءة القرآن، وعند الآذان، وعند نزول الغيث.. فلينظر الإنسان إلى ساعة النشاط!.. وهنيئاً لمن كان له مصلى في المنزل!.. عليٌّ –عليه السلام– اتخذ بيتاً لا بالصغير ولا بالكبير، خاليا من كل ما يُشغل، وكان عليٌّ –عليه السلام- يتخذ من هذه الغرفة مكاناً للمناجاة مع ربه في كل وقت.. فالمؤمن في حال الاحتضار، يستحب أن يُنقل إلى مصلاه، حيث كان يناجي ربه.. حتى من باب علم النفس التجريبي هنالك حالة من التلازم.. فهذه السجادة التي طالما بكى عليها، وهذه التربة التي ينظر إليها.. عندما يراها يتذكر الأيام التي كان يعيش فيها حالة الأنس مع المولى.
ومن اهل المعرفة وضع في محل عبادته صورة، كان قد كتب فيها لفظ الجلالة بأنوارٍ مضيئةٍ؛ كي تقع عينه على لفظ الجلالة وهي مضيئة له أثناء الصلاة.. فإن كان ولابد من النظر إلى شيء مادي أثناء الصلاة، فليكن إلى ما يرمز إلى المولى ولو لفظاً!.. فنحن محرومون من الأنس بعالم الغيب بمعناه الواقعي، فلنحاول أن نسلي أنفسنا بلفظ الجلالة.
- إن من العبارات التي تفتح باب الأمل كثيراً، تلك العبارات المنقولة في آخر دعاء كميل: (واجعلني من أحسن عبيدك نصيباً عندك، وأقربهم منزلةً منك، وأخصهم زلفةً لديك.. فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك).. وكل إنسان مشروعٌ لأن يحقق هذه العبارات، التي هي عبارات مثالية جداً، وأشبه بالأسطورة، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن دعاء كميل هو عبارة عن إملاء علي بكتابة كميل، وهذا يعطي قوة لمضامين هذا الدعاء الشريف.. روى السيد في الإقبال أن كميل بن زياد قال: كنت جالسا مع مولاي أمير المؤمنين -عليه السلام- في مسجد البصرة، ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم: ما معنى قول الله عز وجل: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)؟.. قال عليه السلام: (ليلة النصف من شعبان، والذي نفس علي بيده!.. أنه ما من عبد إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر، مقسوم له في ليلة النصف من شعبان، إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر -عليه السلام- إلا أجيب له).. فلما انصرف طرقته ليلا، فقال عليه السلام: ما جاء بك يا كميل؟.. قلت: يا أمير المؤمنين، دعاء الخضر!.. فقال: (اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء، فادع به كل ليلة جمعة، أو في الشهر مرة، أو في السنة مرة، أو في عمرك مرة.. تكف وتنصر وترزق، ولن تعدم المغفرة.. يا كميل!.. أوجب لك طول الصحبة لنا، أن نجود لك بما سألت، ثم قال: اكتب...).
منقوووووول
نسألكم الدعاااااااااااء