السلام عليكم
قال تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)المائدة 55
وقبل الحديث عن الآية وبيان ما تحتويه من كنز عظيم، يقول الله تبارك وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)النساء 59
فالمرجع والحكم هو كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولابد من جعل هذه الآية الشريفة في أذهاننا في أي أمرٍ مهما يكن، إن حصل فيه اختلاف فالحكم الأول والأخير لله ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولنحذر أنفسنا من الوقوع في المهالك لقوله تعالى
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)الاحزاب 36
ولمعرفة مكنونات الآية الأولى نطرح هذه التساؤلات:
ما معنى الولاية في الآية، ما دلالتها على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، ما هي قصة التصدق بالخاتم في الركوع، من رواها من علماء الحديث ؟
وفي مقام الإجابة: نقسم الموضوع إلى أربعة مباحث:
أولاً: معنى الولاية لغةً والدليل عليها...
لو رجعنا إلى كلمات أهل اللغة في هذا الموضوع لرأينا أنهم يقولون أن معنى الولي هو القائم بالشيء أو من له حق الطاعة، فحينما نقول السلطان ولي أي القائم بشؤون الرعية والمسئول عنهم، وكذلك لو قلنا زيد ولي عمرو، وعلي ولي محمّد، أي القائم بأمره والمسئول عنه، ونجد هذا المعنى واضح وجلي في الآيات الشريفة التي تذكر الولاية كالآيتين السابقتين،
و قوله تعالى (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة 257
وقوله سبحانه (إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)الجاثية 19
وغيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى.
وأنت حينما تُسأل من هو وليك ؟ فإن المتبادر إلى ذهنك هو من هو القائم بأمرك والمسئول عنك، وهذا أمر فطري بديهي لا يحتاج إلى تأويل أو تعليل.
ثانياً: دلالتها على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام...
إن دلالة الآية الكريمة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام واضحة بعد أن قرنها الله تعالى بولايته وولاية الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومعلوم أن ولايتهما عامة فالرسول أولى بالمؤمنين من أنفسهم قال تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) وهذا يقتضي أنّ الرسول هو (الأولى بالتصرف من أنفسهم) بمعنى السيد المطاع، فكذلك ولاية علي عليه السلام بحكم المقارنة، وقليل من التأمل والتدبر البصيري وليس البصري في الآية كريمة يكشف عن ذلك.
ثالثا: قصة التصدق بالخاتم في الركوع..
.
روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: بسند صحيح عن ابن عباس: في قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ) يعني ناصركم الله، (وَرَسُولُهُ) يعني محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمَّ قال: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) فخصّ من بين المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ) يعني يتمّون وضوءها وقراءتها وركوعها وسجودها وخشوعها في مواقيتها، (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلى يوماً بأصحابه صلاة الظهر وانصرف هو وأصحابه فلم يبق في المسجد غير علي قائماً يصلي بين الظهر والعصر, إذ دخل المسجد فقير من فقراء المسلمين, فلم ير في المسجد أحداً خلا علياً, فأقبل نحوه فقال: يا ولي الله بالذي تصلي له أن تتصدق عليّ بما أمكنك, وله خاتم عقيق يماني أحمر كان يلبسه في الصلاة في يمينه, فمد يده فوضعها على ظهره وأشار إلى السائل بنزعه, فنزعه ودعا له, ومضى, وهبط جبرائيل, فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي: فقد باهى الله بك ملائكته اليوم، اقرأ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ...)
رابعاً: رواة أسباب النزول في شأن زوج البتول عليهما السلام من علماء الحديث...
تواتر خبر تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم لذاك الفقير، بين علماء الفريقين – سنة وشيعة – ممّا لا يدع مجالاً للشك والريب في ثبوت الواقعة، ومن المستقبح عقلاً أن يناقش البعض أسانيد الخبر بعد كونه متواترا، وهذه جملة من علماء أهل الحديث، وللعلم فقد رُويَّ هذا الحديث عن جملة من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والرواة هم:
أنس بن مالك، جابر بن عبد الله الأنصاري، الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، أبو ذر الغفاري، سلمة بن كهيل، السديّ، عبد الله بن عباس، عبد الله ابن محمّد بن الحنفية، عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عتبة بن أبي حكيم، عطاء بن السائب، الإمام علي بن الحسين عليهما السلام، أمير المؤمنين علي عليه السلام، عمار بن ياسر، عمرو بن العاص، غالب بن عبد الله، مجاهد، محمّد بن الحنفية، محمّد بن السائب الكلبي، الإمام محمّد بن علي الباقر عليهما السلام، المقداد بن الأسود... وغيرهم.
وأخرج هذا الحديث أكثر من (خمسين)عالما من علماء الحديث في مصنفاتهم، واكتفي بنقل ما بينه العلامة الأميني في كتاب القيم (الغدير في الكتاب والسنة والأدب:3/199)، اذكر جملة منهم ومن أراد الإطلاع أكثر فليراجع الكتاب المذكور:
1 ـ القاضي ابو عبد الله محمَّد بن عمر المدني الواقدي المتوفّى 207، كما في ذخائر العقبى: 102.
2 ـ الحافظ ابو بكر عبد الرَّزاق الصنعاني المتوفّى 211، كما في تفسير ابن كثير 2 / 71 وغيره عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.
3 ـ الحافظ ابو الحسن عثمان بن ابي شيبة الكوفي المتوفى 239، في تفسيره.
4 ـ ابو جعفر الاسكافي المعتزلي المتوفّى 240، في رسالته التي ردَّ بها على الجاحظ.
5 ـ الحافظ عبد بن حميد الكشي ابو محمّد المتوفي 249، في تفسيره كما في الدرِّ المنثور.
6 ـ ابو سعيد الاشجّ الكوفي المتوفى 257، في تفسيره، عن ابي نعيم فضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، والطريق صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.
7 ـ الحافظ ابو عبد الرحمان النسائي صاحب السنن المتوفى 303، في صحيحه.
8 ـ ابن جرير الطبري المتوفى 310، في تفسيره 6 / 186 بعدّة طرق.
9 ـ ابن ابي حاتم الرازي المتوفى 327، كما في تفسير ابن كثير، والدرّ المنثور، وأسباب النزول للسيوطي، أخرجه بغير طريق ومن طرقه ابو سعيد الاشجّ بإسناده الصحيح الذي أسلفناه.
10 ـ الحافظ ابو القاسم الطبراني المتوفى 360، في معجمه الاوسط.
11 ـ الحافظ ابو الشيخ ابو محمّد عبد الله بن محمّد الانصاري المتوفى 369، في تفسيره.
12 ـ الحافظ ابو بكر الجصّاص الرازي المتوفى 370، في أحكام القرآن 2/542، رواه من عدَّة طرق.
13 ـ ابو الحسن علي بن عيسي الرماني المتوفّى 384 في تفسيره.
14 ـ الحاكم ابن البيع النيسابوري المتوفى 405 في معرفة اُصول الحديث: 102.
15 ـ الحافظ ابو بكر الشيرازي المتوفّى 407 / 11 [4] في كتابه فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين.
16 ـ الحافظ ابو بكر ابن مردويه الاصبهاني المتوفى 416، من طريق سفيان الثوري، عن ابي سنان سعيد بن سنان البرجمي، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، إسنادٌ صحيحٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ. ورواه بطريق آخر قال: إسنادٌ لا يُقدح به، واخرجه بطرق اُخرى عن أمير المؤمنين، وعمّار، وابي رافع.
17 ـ ابو اسحاق الثعلبي النيسابوري المتوفّى 427 / 37 [4] في تفسيره عن ابي ذرّ كما مرَّ بلفظه ج 2 ص 52.
18 ـ الحافظ ابو نعيم الاصبهاني المتوفى 430 فيما نزل من القرآن في عليّ عن عمّار، وابي رافع، وابن عبّاس، وجابر، وسلمة بن كهيل.
19 ـ ابو الحسن الماوردي الفقيه الشافعي المتوفى 450، في تفسيره.
20 ـ الحافظ ابو بكر البيهقي المتوفى 458، في كتابه «المصنَّف».
21 ـ الحافظ ابو بكر الخطيب البغدادي الشافعي المتوفى 463، في «المتّفق».
22 ـ ابو القاسم زين الاسلام عبد الكريم بن هوازن النيسابوري المتوفّى 465 في تفسسيره.
23 ـ الحافظ ابو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفى 468، في أسباب النزول: 148.
.
وصلني على الايميل
تحياتي،،
قال تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)المائدة 55
وقبل الحديث عن الآية وبيان ما تحتويه من كنز عظيم، يقول الله تبارك وتعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)النساء 59
فالمرجع والحكم هو كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولابد من جعل هذه الآية الشريفة في أذهاننا في أي أمرٍ مهما يكن، إن حصل فيه اختلاف فالحكم الأول والأخير لله ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولنحذر أنفسنا من الوقوع في المهالك لقوله تعالى
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)الاحزاب 36
ولمعرفة مكنونات الآية الأولى نطرح هذه التساؤلات:
ما معنى الولاية في الآية، ما دلالتها على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، ما هي قصة التصدق بالخاتم في الركوع، من رواها من علماء الحديث ؟
وفي مقام الإجابة: نقسم الموضوع إلى أربعة مباحث:
أولاً: معنى الولاية لغةً والدليل عليها...
لو رجعنا إلى كلمات أهل اللغة في هذا الموضوع لرأينا أنهم يقولون أن معنى الولي هو القائم بالشيء أو من له حق الطاعة، فحينما نقول السلطان ولي أي القائم بشؤون الرعية والمسئول عنهم، وكذلك لو قلنا زيد ولي عمرو، وعلي ولي محمّد، أي القائم بأمره والمسئول عنه، ونجد هذا المعنى واضح وجلي في الآيات الشريفة التي تذكر الولاية كالآيتين السابقتين،
و قوله تعالى (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)البقرة 257
وقوله سبحانه (إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)الجاثية 19
وغيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى.
وأنت حينما تُسأل من هو وليك ؟ فإن المتبادر إلى ذهنك هو من هو القائم بأمرك والمسئول عنك، وهذا أمر فطري بديهي لا يحتاج إلى تأويل أو تعليل.
ثانياً: دلالتها على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام...
إن دلالة الآية الكريمة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام واضحة بعد أن قرنها الله تعالى بولايته وولاية الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومعلوم أن ولايتهما عامة فالرسول أولى بالمؤمنين من أنفسهم قال تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) وهذا يقتضي أنّ الرسول هو (الأولى بالتصرف من أنفسهم) بمعنى السيد المطاع، فكذلك ولاية علي عليه السلام بحكم المقارنة، وقليل من التأمل والتدبر البصيري وليس البصري في الآية كريمة يكشف عن ذلك.
ثالثا: قصة التصدق بالخاتم في الركوع..
.
روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: بسند صحيح عن ابن عباس: في قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ) يعني ناصركم الله، (وَرَسُولُهُ) يعني محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمَّ قال: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) فخصّ من بين المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ) يعني يتمّون وضوءها وقراءتها وركوعها وسجودها وخشوعها في مواقيتها، (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلى يوماً بأصحابه صلاة الظهر وانصرف هو وأصحابه فلم يبق في المسجد غير علي قائماً يصلي بين الظهر والعصر, إذ دخل المسجد فقير من فقراء المسلمين, فلم ير في المسجد أحداً خلا علياً, فأقبل نحوه فقال: يا ولي الله بالذي تصلي له أن تتصدق عليّ بما أمكنك, وله خاتم عقيق يماني أحمر كان يلبسه في الصلاة في يمينه, فمد يده فوضعها على ظهره وأشار إلى السائل بنزعه, فنزعه ودعا له, ومضى, وهبط جبرائيل, فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي: فقد باهى الله بك ملائكته اليوم، اقرأ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ...)
رابعاً: رواة أسباب النزول في شأن زوج البتول عليهما السلام من علماء الحديث...
تواتر خبر تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم لذاك الفقير، بين علماء الفريقين – سنة وشيعة – ممّا لا يدع مجالاً للشك والريب في ثبوت الواقعة، ومن المستقبح عقلاً أن يناقش البعض أسانيد الخبر بعد كونه متواترا، وهذه جملة من علماء أهل الحديث، وللعلم فقد رُويَّ هذا الحديث عن جملة من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والرواة هم:
أنس بن مالك، جابر بن عبد الله الأنصاري، الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، أبو ذر الغفاري، سلمة بن كهيل، السديّ، عبد الله بن عباس، عبد الله ابن محمّد بن الحنفية، عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عتبة بن أبي حكيم، عطاء بن السائب، الإمام علي بن الحسين عليهما السلام، أمير المؤمنين علي عليه السلام، عمار بن ياسر، عمرو بن العاص، غالب بن عبد الله، مجاهد، محمّد بن الحنفية، محمّد بن السائب الكلبي، الإمام محمّد بن علي الباقر عليهما السلام، المقداد بن الأسود... وغيرهم.
وأخرج هذا الحديث أكثر من (خمسين)عالما من علماء الحديث في مصنفاتهم، واكتفي بنقل ما بينه العلامة الأميني في كتاب القيم (الغدير في الكتاب والسنة والأدب:3/199)، اذكر جملة منهم ومن أراد الإطلاع أكثر فليراجع الكتاب المذكور:
1 ـ القاضي ابو عبد الله محمَّد بن عمر المدني الواقدي المتوفّى 207، كما في ذخائر العقبى: 102.
2 ـ الحافظ ابو بكر عبد الرَّزاق الصنعاني المتوفّى 211، كما في تفسير ابن كثير 2 / 71 وغيره عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن مجاهد، عن ابن عبّاس.
3 ـ الحافظ ابو الحسن عثمان بن ابي شيبة الكوفي المتوفى 239، في تفسيره.
4 ـ ابو جعفر الاسكافي المعتزلي المتوفّى 240، في رسالته التي ردَّ بها على الجاحظ.
5 ـ الحافظ عبد بن حميد الكشي ابو محمّد المتوفي 249، في تفسيره كما في الدرِّ المنثور.
6 ـ ابو سعيد الاشجّ الكوفي المتوفى 257، في تفسيره، عن ابي نعيم فضل بن دكين، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، والطريق صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.
7 ـ الحافظ ابو عبد الرحمان النسائي صاحب السنن المتوفى 303، في صحيحه.
8 ـ ابن جرير الطبري المتوفى 310، في تفسيره 6 / 186 بعدّة طرق.
9 ـ ابن ابي حاتم الرازي المتوفى 327، كما في تفسير ابن كثير، والدرّ المنثور، وأسباب النزول للسيوطي، أخرجه بغير طريق ومن طرقه ابو سعيد الاشجّ بإسناده الصحيح الذي أسلفناه.
10 ـ الحافظ ابو القاسم الطبراني المتوفى 360، في معجمه الاوسط.
11 ـ الحافظ ابو الشيخ ابو محمّد عبد الله بن محمّد الانصاري المتوفى 369، في تفسيره.
12 ـ الحافظ ابو بكر الجصّاص الرازي المتوفى 370، في أحكام القرآن 2/542، رواه من عدَّة طرق.
13 ـ ابو الحسن علي بن عيسي الرماني المتوفّى 384 في تفسيره.
14 ـ الحاكم ابن البيع النيسابوري المتوفى 405 في معرفة اُصول الحديث: 102.
15 ـ الحافظ ابو بكر الشيرازي المتوفّى 407 / 11 [4] في كتابه فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين.
16 ـ الحافظ ابو بكر ابن مردويه الاصبهاني المتوفى 416، من طريق سفيان الثوري، عن ابي سنان سعيد بن سنان البرجمي، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، إسنادٌ صحيحٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ. ورواه بطريق آخر قال: إسنادٌ لا يُقدح به، واخرجه بطرق اُخرى عن أمير المؤمنين، وعمّار، وابي رافع.
17 ـ ابو اسحاق الثعلبي النيسابوري المتوفّى 427 / 37 [4] في تفسيره عن ابي ذرّ كما مرَّ بلفظه ج 2 ص 52.
18 ـ الحافظ ابو نعيم الاصبهاني المتوفى 430 فيما نزل من القرآن في عليّ عن عمّار، وابي رافع، وابن عبّاس، وجابر، وسلمة بن كهيل.
19 ـ ابو الحسن الماوردي الفقيه الشافعي المتوفى 450، في تفسيره.
20 ـ الحافظ ابو بكر البيهقي المتوفى 458، في كتابه «المصنَّف».
21 ـ الحافظ ابو بكر الخطيب البغدادي الشافعي المتوفى 463، في «المتّفق».
22 ـ ابو القاسم زين الاسلام عبد الكريم بن هوازن النيسابوري المتوفّى 465 في تفسسيره.
23 ـ الحافظ ابو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفى 468، في أسباب النزول: 148.
.
وصلني على الايميل
تحياتي،،