حادثة «سور المنامة» لم تفصلها عن الارتباط بالعاصمة...
قرية «النعيم»... من الجميـلة الزاهرة إلى «الصامدة» بين الغرباء
النعيم - محرر الشئون المحلية
بحسب كبار السن من أهل القرية، فإن أصل تسمية قرية «النعيم» يعود إلى أنها كانت أرض خير، وهي بمثابة النَّعِيم لأهلها الذين كان منهم النواخذة وتجار اللؤلؤ والطواويش، لذلك، فاسمها مشتق من كلمة «نَعِيم»، وتشمل صفاتها المكان الزاهر الجميل، حيث كانت مشهورة بجمال الطبيعة وقربها من البحر الغني بالثروات... فيما مضى.
هذه القرية الطيبة، حالها حال كل قرى البحرين، لا تتنازل عن هويتها البحرينية الأصيلة، وإن بقيت صامدة بين «الغرباء»... حيث يقطنها آلاف العمال الوافدين، لكنها «النعيم» التي يرى أهلها فيها، مصدر اعتزاز وفخر؛ إذ إنها شهدت الكثير من الأحداث السياسية وخصوصاً في فترة الخمسينيات يوم شهدت طرقاتها لقاءات واجتماعات لهيئة الاتحاد الوطني وكان أحد أبنائها المرحوم السيد علي كمال الدين، أحد أعضائها الثمانية بالإضافة إلى الرموز: محسن التاجر، إبراهيم بن موسى، عبدالله أبو ذيب، عبدعلي العليوات، عبدالعزيز الشملان، إبراهيم فخرو، وعبدالرحمن الباكر، وهي الهيئة التي حملت على عاتقها التصدي للخلافات الطائفية التي نخرت في جسم المجتمع في البحرين خلال عامي 1953 و1954، حيث ولدت كجبهة وطنية موحدة للمطالبة بإصلاحات سياسية في الجهاز الإداري والجهاز القضائي وبانتخاب مجلس شعبي تمثيلي.
ووفقاً لما جاء في النبذة التاريخية عن القرية بشبكة النعيم الثقافية: «تُعتبر منطقة النعيم اليوم ضاحية من ضواحي المنامة عاصمة مملكة البحرين، حيث كانت (فريقاً) يقع غرب المنامة اسمه فريق النعيم، ولكن بحكم توسعها العمراني وازدياد عدد سكانها ورقعتها الجغرافية، وبسبب ظروف تاريخية صارت النعيم منطقة شبه مستقلة عن المنامة وفيها أكثر من فريق.
هذه هي «النعيم» من الداخل
يصحبنا الشاب عبدالرسول جاسم، وهو أحد شباب القرية، الذي يعيد القول إن القرية سميت بهذا الاسم لأنها كانت قديماً تتمتع بالخيرات والنعم، فكان أهلها من العلماء والتجار، بل ويقال إن كلَّ مَنْ وَفَدَ ليسكن فيها، ينعم في بحبوحة من العيش، ويقول جاسم: «إذا تحدثنا عن احتياجات القرية، فإن مطالب الأهالي لا تختلف عن مطالب بقية المواطنين في مختلف مناطق البلاد من ناحية الخدمات الإسكانية، لكن يبدو أن النعيم ومثلها بعض مناطق العاصمة، لن تجد متسعاً لإنشاء وحدات سكنية للمنتظرين على قائمة الانتظار لعدم وجود أراضي مملوكة للدولة بغرض إنشاء مشروع إسكاني عليها كامتداد للقرية، لكن مشكلتنا الكبيرة هي وجود مساكن للعمال، وهم يتكدسون بالعشرات في غرف صغيرة وغالبيتهم من حملة التأشيرة الحرة (فري فيزا)، وعلى أن المجلس البلدي يتابع الكثير من قضايا القرية، لكن هذه المشكلة تؤرقنا كثيراً وتسبب لنا ضرراً نحن الأهالي بسبب ازدياد أعداد الوافدين القاطنين هنا».
ويرفع عبدالرسول طلباً إلى المسئولين بمجلس بلدي العاصمة بالإسراع في هدم وبناء منزلهم الآيل للسقوط، «فمنذ العام 2007، تم إخلاء المنزل، ونحن مع الوالدة نعيش في شقة مستأجرة، في حين لم يتحرك ساكن في موضوع البيت الآيل للسقوط، وعلَّ المسئولين يسرعون في هدم المنزل وإعادة بنائه على وجه السرعة ما أمكن ذلك لحاجة الأسرة».
ويوافقه الرأي عبدالحميد حسن، وهو من أهالي قرية النعيم، الذي يشير إلى أن «من أهم سمات قريتنا هي وجود أعداد كبيرة من الوافدين، وكما تعلمون فإن حاجة الأهالي إلى الخدمات الإسكانية هي أمر معروف، ونتمنى أن تشهد قريتنا إضافة مرافق خدماتية وترفيهية كإنشاء حديقة وساحة شعبية للأطفال».
التحتية والفوقية... داخل السور وخارجه
يبلغ تعداد سكان منطقة النعيم نحو عشرة آلاف نسمة هم الذين يسكنون في المنطقة حالياً وفقاً للمعلومات المتوافرة بشبكة النعيم الثقافية، في حين ينحدر من المنطقة أكثر من عشرين ألف نسمة يسكنون في مناطق وقرى البحرين المختلفة. وفي حين انقطعت بعض الأسر التي نزحت من النعيم إلى مناطق أخرى عن المنطقة، بقيت الغالبية مرتبطة بها حيث تكثر زياراتهم لأهاليهم وذويهم وأصدقائهم الذين ما زالوا يقطنون المنطقة، وتتكثف هذه الزيارات في المناسبات الدينية كالأعياد وعاشوراء وشهر رمضان.
وأحد أهم أسباب انعزال النعيم عن المنامة، هي حادثة بناء سور المنامة الذي قسم فريق النعيم إلى قسمين: النعيم التحتية وكانت ضمن السور، والنعيم الفوقية وكانت خارج السور، ولأن معظم أهالي النعيم كانوا يشتغلون في حرف مرتبطة بالبحر كالقلافة (صناعة السفن) والتجارة باللؤلؤ وصيد الأسماك، فقد نزح جزء كبير من قاطني النعيم التحتية إلى خارج السور(المصدر: كتاب المأتم في البحرين للباحث عبدالله سيف ص 149)، وهكذا صارت منطقة النعيم منفصلة عن المنامة، واليوم لم يعد لهذا السور وجود حيث اختفت آثاره منذ عقود، وعاد الاتصال العمراني من جديد بين منطقة النعيم وأحياء المنامة.
حادثة وفاة السيد التوبلاني
تاريخ منطقة النعيم غامض إجمالاً إذا استثنينا القرن الأخير، بسبب عدم توثيق السواد الأعظم من تاريخ المنطقة والاكتفاء بالسرد الشفوي للحوادث الذي تناقلته بعض الأجيال في حين ضاع معظمه في طيات الماضي. وأقدم حادثة موثقة وقعت بين أيدينا عن المنطقة، هي حادثة وفاة العلامة السيد هاشم التوبلاني البحراني (صاحب تفسير البرهان) في أحد بيوت المنطقة حوالي العام 1107هجرية الموافق للعام 1695 ميلادية، حيث أنه كان متزوجاً من أرملة أحد علماء المنطقة (الشيخ علي بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حسين بن علي بن كنبار الضبيري) وكان لهذا الرجل بيت معروف في المنطقة، وكان السيد التوبلاني في ذلك البيت يوم وفاته (المصدر: كتاب أسر البحرين العلمية للباحث سالم النويدري ص106 وص157)، وكان الشيخ حسين بن علي الضبيري (جد الشيخ علي المذكور آنفاً) أيضاً من سكنة النعيم؛ ما يعني أن المنطقة كانت آهلة بالسكان ويقطنها العلماء منذ ما يزيد على 400 سنة.
تأسيس أول مستشفى حكومي
وكما أشير أعلاه، فإن القرن الأخير كان أفضل حظاً من حيث توثيق أحداث المنطقة فيه، حيث أنه وفي العام 1930 بنيت عيادة في المنامة في منطقة النعيم، وكانت نواة لمستشفى النعيم فيما بعد، حيث بدئ في إنشائه العام 1940 على أرض كانت في الأصل بيتاً قديماً يملكه عبدالعزيز القصيبي، ويُعتبر مستشفى النعيم أول مستشفى حكومي يبنى على أرض البحرين، وفي العام 1953 تم إنشاء نادي النعيم الثقافي والرياضي، الذي تميزت عقوده الأولى بالنشاط الزاخر ثقافياً وسياسياً ورياضياً، في حين اقتصرت أنشطة النادي في العقدين الأخيرين إجمالاً على الأنشطة الرياضية وخاصة في لعبة كرة اليد، حيث حقق النادي عدداً من الإنجازات المشرفة على المستوى الوطني. وفي العام 2001، بعد أن شهدت نوادي البحرين عمليات دمج واسعة، تم دمج النادي مع عدد من نوادي العاصمة تحت اسم نادي الشباب، وتم إنشاء مركز شباب النعيم الثقافي لخدمة أبناء المنطقة في الجانب الثقافي.
«النعيم» في الخمسينيات
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، كانت النعيم من ضمن المراكز النشطة للحركة المطلبية الإصلاحية التي برزت بين عامي 1954 و1956، وكان السيد علي بن السيد إبراهيم كمال الدين الغريفي (عالم دين وأحد رموز المنطقة آنذاك) من ضمن ثمانية أشخاص انتخبهم الشعب لتمثيله فيما عرف تاريخياً باسم هيئة الاتحاد الوطني.
وفي العام 1963 أسست الدولة مدرسة النعيم الثانوية للبنين، وكانت تقع على شاطئ البحر مباشرة، وقد تخرج من هذه المدرسة أجيال من أبناء الوطن من مختلف قرى البحرين وعلى الخصوص قرى المحافظة الشمالية، وقد كانت مدرسة النعيم من المدارس النشطة سياسياً عبر تاريخها الممتد لأربعين عاماً، فكثيراً ما قام طلبتها بمظاهرات واعتصامات تضامناً مع القضايا القومية والوطنية. وقد شهدت منطقة النعيم بناء عدد آخر من المدارس منها مدرسة ابتدائية للبنات كانت محاذية للمأتم الغربي، تم إبدالها بمدرسة أخرى هي مدرسة سارة وتقع جنوبي المقبرة، ومدرسة ابتدائية للبنين غربي المنطقة اسمها مدرسة ابن خلدون وكانت تقع في قبال مسجد الشيخ سالم أبو عراك، واستبدلت فيما بعد بمدرسة حطين التي تقع في منطقة السويفية غربي النعيم.
ظاهرة النزوح الجماعي
وقد شهد عقدا السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بروز ظاهرة النزوح الجماعي لأسر المنطقة للسكن في مشاريع الإسكان التي أنشأتها الدولة في بعض مناطق البحرين، حيث أن المنطقة لم تحظَ بمخططات إسكانية رغم المساحة الواسعة التي تم ردمها من البحر شمالي المنطقة، إذ تم تحويل هذه الأرض المدفونة لمخططات استثمارية شهدت بناء عدد من المجمعات التجارية والأسواق المركزية والفنادق. ورغم الكثير من المشاكل التي تعاني منها القرية من ناحية الخدمات، فإن نشاطها الخيري والثقافي والاجتماعي ملحوظ ومميز، فهناك الصندوق الخيري ومركز شباب النعيم، وجمعية الصم والبكم وكذلك لجنة الفتيات التابعة للمركز الشبابي... كل تلك الجهات وغيرها من اللجان تعمل وفق مسارات مبتكرة لتقديم الأنشطة على اختلافها.
تـــــأإااابع
قرية «النعيم»... من الجميـلة الزاهرة إلى «الصامدة» بين الغرباء
النعيم - محرر الشئون المحلية
بحسب كبار السن من أهل القرية، فإن أصل تسمية قرية «النعيم» يعود إلى أنها كانت أرض خير، وهي بمثابة النَّعِيم لأهلها الذين كان منهم النواخذة وتجار اللؤلؤ والطواويش، لذلك، فاسمها مشتق من كلمة «نَعِيم»، وتشمل صفاتها المكان الزاهر الجميل، حيث كانت مشهورة بجمال الطبيعة وقربها من البحر الغني بالثروات... فيما مضى.
هذه القرية الطيبة، حالها حال كل قرى البحرين، لا تتنازل عن هويتها البحرينية الأصيلة، وإن بقيت صامدة بين «الغرباء»... حيث يقطنها آلاف العمال الوافدين، لكنها «النعيم» التي يرى أهلها فيها، مصدر اعتزاز وفخر؛ إذ إنها شهدت الكثير من الأحداث السياسية وخصوصاً في فترة الخمسينيات يوم شهدت طرقاتها لقاءات واجتماعات لهيئة الاتحاد الوطني وكان أحد أبنائها المرحوم السيد علي كمال الدين، أحد أعضائها الثمانية بالإضافة إلى الرموز: محسن التاجر، إبراهيم بن موسى، عبدالله أبو ذيب، عبدعلي العليوات، عبدالعزيز الشملان، إبراهيم فخرو، وعبدالرحمن الباكر، وهي الهيئة التي حملت على عاتقها التصدي للخلافات الطائفية التي نخرت في جسم المجتمع في البحرين خلال عامي 1953 و1954، حيث ولدت كجبهة وطنية موحدة للمطالبة بإصلاحات سياسية في الجهاز الإداري والجهاز القضائي وبانتخاب مجلس شعبي تمثيلي.
ووفقاً لما جاء في النبذة التاريخية عن القرية بشبكة النعيم الثقافية: «تُعتبر منطقة النعيم اليوم ضاحية من ضواحي المنامة عاصمة مملكة البحرين، حيث كانت (فريقاً) يقع غرب المنامة اسمه فريق النعيم، ولكن بحكم توسعها العمراني وازدياد عدد سكانها ورقعتها الجغرافية، وبسبب ظروف تاريخية صارت النعيم منطقة شبه مستقلة عن المنامة وفيها أكثر من فريق.
هذه هي «النعيم» من الداخل
يصحبنا الشاب عبدالرسول جاسم، وهو أحد شباب القرية، الذي يعيد القول إن القرية سميت بهذا الاسم لأنها كانت قديماً تتمتع بالخيرات والنعم، فكان أهلها من العلماء والتجار، بل ويقال إن كلَّ مَنْ وَفَدَ ليسكن فيها، ينعم في بحبوحة من العيش، ويقول جاسم: «إذا تحدثنا عن احتياجات القرية، فإن مطالب الأهالي لا تختلف عن مطالب بقية المواطنين في مختلف مناطق البلاد من ناحية الخدمات الإسكانية، لكن يبدو أن النعيم ومثلها بعض مناطق العاصمة، لن تجد متسعاً لإنشاء وحدات سكنية للمنتظرين على قائمة الانتظار لعدم وجود أراضي مملوكة للدولة بغرض إنشاء مشروع إسكاني عليها كامتداد للقرية، لكن مشكلتنا الكبيرة هي وجود مساكن للعمال، وهم يتكدسون بالعشرات في غرف صغيرة وغالبيتهم من حملة التأشيرة الحرة (فري فيزا)، وعلى أن المجلس البلدي يتابع الكثير من قضايا القرية، لكن هذه المشكلة تؤرقنا كثيراً وتسبب لنا ضرراً نحن الأهالي بسبب ازدياد أعداد الوافدين القاطنين هنا».
ويرفع عبدالرسول طلباً إلى المسئولين بمجلس بلدي العاصمة بالإسراع في هدم وبناء منزلهم الآيل للسقوط، «فمنذ العام 2007، تم إخلاء المنزل، ونحن مع الوالدة نعيش في شقة مستأجرة، في حين لم يتحرك ساكن في موضوع البيت الآيل للسقوط، وعلَّ المسئولين يسرعون في هدم المنزل وإعادة بنائه على وجه السرعة ما أمكن ذلك لحاجة الأسرة».
ويوافقه الرأي عبدالحميد حسن، وهو من أهالي قرية النعيم، الذي يشير إلى أن «من أهم سمات قريتنا هي وجود أعداد كبيرة من الوافدين، وكما تعلمون فإن حاجة الأهالي إلى الخدمات الإسكانية هي أمر معروف، ونتمنى أن تشهد قريتنا إضافة مرافق خدماتية وترفيهية كإنشاء حديقة وساحة شعبية للأطفال».
التحتية والفوقية... داخل السور وخارجه
يبلغ تعداد سكان منطقة النعيم نحو عشرة آلاف نسمة هم الذين يسكنون في المنطقة حالياً وفقاً للمعلومات المتوافرة بشبكة النعيم الثقافية، في حين ينحدر من المنطقة أكثر من عشرين ألف نسمة يسكنون في مناطق وقرى البحرين المختلفة. وفي حين انقطعت بعض الأسر التي نزحت من النعيم إلى مناطق أخرى عن المنطقة، بقيت الغالبية مرتبطة بها حيث تكثر زياراتهم لأهاليهم وذويهم وأصدقائهم الذين ما زالوا يقطنون المنطقة، وتتكثف هذه الزيارات في المناسبات الدينية كالأعياد وعاشوراء وشهر رمضان.
وأحد أهم أسباب انعزال النعيم عن المنامة، هي حادثة بناء سور المنامة الذي قسم فريق النعيم إلى قسمين: النعيم التحتية وكانت ضمن السور، والنعيم الفوقية وكانت خارج السور، ولأن معظم أهالي النعيم كانوا يشتغلون في حرف مرتبطة بالبحر كالقلافة (صناعة السفن) والتجارة باللؤلؤ وصيد الأسماك، فقد نزح جزء كبير من قاطني النعيم التحتية إلى خارج السور(المصدر: كتاب المأتم في البحرين للباحث عبدالله سيف ص 149)، وهكذا صارت منطقة النعيم منفصلة عن المنامة، واليوم لم يعد لهذا السور وجود حيث اختفت آثاره منذ عقود، وعاد الاتصال العمراني من جديد بين منطقة النعيم وأحياء المنامة.
حادثة وفاة السيد التوبلاني
تاريخ منطقة النعيم غامض إجمالاً إذا استثنينا القرن الأخير، بسبب عدم توثيق السواد الأعظم من تاريخ المنطقة والاكتفاء بالسرد الشفوي للحوادث الذي تناقلته بعض الأجيال في حين ضاع معظمه في طيات الماضي. وأقدم حادثة موثقة وقعت بين أيدينا عن المنطقة، هي حادثة وفاة العلامة السيد هاشم التوبلاني البحراني (صاحب تفسير البرهان) في أحد بيوت المنطقة حوالي العام 1107هجرية الموافق للعام 1695 ميلادية، حيث أنه كان متزوجاً من أرملة أحد علماء المنطقة (الشيخ علي بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حسين بن علي بن كنبار الضبيري) وكان لهذا الرجل بيت معروف في المنطقة، وكان السيد التوبلاني في ذلك البيت يوم وفاته (المصدر: كتاب أسر البحرين العلمية للباحث سالم النويدري ص106 وص157)، وكان الشيخ حسين بن علي الضبيري (جد الشيخ علي المذكور آنفاً) أيضاً من سكنة النعيم؛ ما يعني أن المنطقة كانت آهلة بالسكان ويقطنها العلماء منذ ما يزيد على 400 سنة.
تأسيس أول مستشفى حكومي
وكما أشير أعلاه، فإن القرن الأخير كان أفضل حظاً من حيث توثيق أحداث المنطقة فيه، حيث أنه وفي العام 1930 بنيت عيادة في المنامة في منطقة النعيم، وكانت نواة لمستشفى النعيم فيما بعد، حيث بدئ في إنشائه العام 1940 على أرض كانت في الأصل بيتاً قديماً يملكه عبدالعزيز القصيبي، ويُعتبر مستشفى النعيم أول مستشفى حكومي يبنى على أرض البحرين، وفي العام 1953 تم إنشاء نادي النعيم الثقافي والرياضي، الذي تميزت عقوده الأولى بالنشاط الزاخر ثقافياً وسياسياً ورياضياً، في حين اقتصرت أنشطة النادي في العقدين الأخيرين إجمالاً على الأنشطة الرياضية وخاصة في لعبة كرة اليد، حيث حقق النادي عدداً من الإنجازات المشرفة على المستوى الوطني. وفي العام 2001، بعد أن شهدت نوادي البحرين عمليات دمج واسعة، تم دمج النادي مع عدد من نوادي العاصمة تحت اسم نادي الشباب، وتم إنشاء مركز شباب النعيم الثقافي لخدمة أبناء المنطقة في الجانب الثقافي.
«النعيم» في الخمسينيات
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، كانت النعيم من ضمن المراكز النشطة للحركة المطلبية الإصلاحية التي برزت بين عامي 1954 و1956، وكان السيد علي بن السيد إبراهيم كمال الدين الغريفي (عالم دين وأحد رموز المنطقة آنذاك) من ضمن ثمانية أشخاص انتخبهم الشعب لتمثيله فيما عرف تاريخياً باسم هيئة الاتحاد الوطني.
وفي العام 1963 أسست الدولة مدرسة النعيم الثانوية للبنين، وكانت تقع على شاطئ البحر مباشرة، وقد تخرج من هذه المدرسة أجيال من أبناء الوطن من مختلف قرى البحرين وعلى الخصوص قرى المحافظة الشمالية، وقد كانت مدرسة النعيم من المدارس النشطة سياسياً عبر تاريخها الممتد لأربعين عاماً، فكثيراً ما قام طلبتها بمظاهرات واعتصامات تضامناً مع القضايا القومية والوطنية. وقد شهدت منطقة النعيم بناء عدد آخر من المدارس منها مدرسة ابتدائية للبنات كانت محاذية للمأتم الغربي، تم إبدالها بمدرسة أخرى هي مدرسة سارة وتقع جنوبي المقبرة، ومدرسة ابتدائية للبنين غربي المنطقة اسمها مدرسة ابن خلدون وكانت تقع في قبال مسجد الشيخ سالم أبو عراك، واستبدلت فيما بعد بمدرسة حطين التي تقع في منطقة السويفية غربي النعيم.
ظاهرة النزوح الجماعي
وقد شهد عقدا السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بروز ظاهرة النزوح الجماعي لأسر المنطقة للسكن في مشاريع الإسكان التي أنشأتها الدولة في بعض مناطق البحرين، حيث أن المنطقة لم تحظَ بمخططات إسكانية رغم المساحة الواسعة التي تم ردمها من البحر شمالي المنطقة، إذ تم تحويل هذه الأرض المدفونة لمخططات استثمارية شهدت بناء عدد من المجمعات التجارية والأسواق المركزية والفنادق. ورغم الكثير من المشاكل التي تعاني منها القرية من ناحية الخدمات، فإن نشاطها الخيري والثقافي والاجتماعي ملحوظ ومميز، فهناك الصندوق الخيري ومركز شباب النعيم، وجمعية الصم والبكم وكذلك لجنة الفتيات التابعة للمركز الشبابي... كل تلك الجهات وغيرها من اللجان تعمل وفق مسارات مبتكرة لتقديم الأنشطة على اختلافها.
تـــــأإااابع