رواد العرب
New member
أحلام وردية
بعد نهارٍ متعب وشاق وممل
قضته في تنظيف وترتيب وتلميع
ومداعبة مع اخوتها الصغار
وبعد ليلة طويلة قضتها أمام الشاشة الفضية ،
متفاعلة مع فيلم سرقها من نفسها ،
أوت إلى فراشها ،
وفي بالها تلك اليابانية التي كانت تستيقظ قبل شروق الشمس ،
تجلس علي شرفتها الزجاجية ،
تراقب تفتح أزهار اللوز وتحتسي الشاي الأخضر من كوب عاجي كلون أصابعها الطويلة ،
وبغفلة من الفتاة ،
يتصاعد الدخان من زهرة لوز ،
ويخرج فارس دقيق الملامح ،
يلبس سروالاً فضفاضاً ،
ويضفر شعره الأسود الطويل بشريطة حريرية ..
حدق الفارس في عيون اليابانية الضيقة ،
فأحست بأنه يحدق فيها ،
فيعطي شوقها ثلجاً أبيض يتكدس فوق شرفات قلبها ،
سار الفارس باتجاه فتاته ،
استل سيفه ،
شرب الأشواك التي اعترضت طريقه ذات اليمين وذات الشمال ،
قفز فوق السور حمل الفتاة ،
طار بها إلى رياض مخملية ،
تتوسطها بحيرات زرقاء ،
يسبح فيها بجع ناصع البياض ،
حملتها بجعة وطارت بها إلى البعيد ..
أثناء ذلك اختلط الفيلم بالواقع وتجسد منذر أمامها ،
لكن كيف سينبثق من زهرة لوز ؟
ما هذه الفكرة السخيفة ؟
فهو لا يمكن أن يشبه ذلك الفارس الياباني الذي ولد من رحم الزهرة ،
لكن لابد أن ينبثق
.. ستنتظره كل يوم على الشرفة .. الشرفة ؟!...
لا شرفة في بيتها ... ماالبديل ؟
النافذة الواطئة التي تحمل غبار المارة ومقذوفاتهم المختلفة ؟
وإن وجدت الشرفة من أين ستأتي بأشجار اللوز ؟
ما هذه الفذلكة اليابانية ؟
هي أصلاً لا تعرف شكل زهر اللوز ،
تعرف اللوز محمصاً ،
تلتهمه حينما تتسلق كرسي القش و تسند ذقنها على حواف النافذة الضيقة ،
وتتخاطف الأحاديث فتبدأ بنسج القصص الممتعة
والنهايات السعيدة عندما تربط الأحاديث بعضها ببعض ،
وعندما تملّ تتشاغل بعدّ أحذية الرجال وأحذية النساء فحدود نافذتها تنتهي عند أقدام المارة ..
ماالبديل عن زهر اللوز الذي سيلد فارسها مع انبثاق كل فجر ؟
المشكلة الأخرى ،
الشاي الأخضر والأكواب العاجية ،
والأنامل الضوئية التي ستلتف عليها ..
اللحلم المستعصي .. الأكواب التي في بيتها بلاستيكية ،
حيث تحرص أمها على ألا تدخل الزجاج إلى مطبخها لأن عمره قصير ،
مما يشكو البلاستيك إنه أفضل اختراع للإنسانية ،
بل هو الحضارة عينها ... تأملت أناملها المبرومة والقصيرة .. ياللاختلاف ..
من أين أتت تلك اليابانية اللعينة بتلك الأنامل البلورية ؟
ولماذا تجلس كل فجر تراقب توزع الضوء في حديقتها ؟
حيث يتدرج من الدخاني الوردي إلى الدخاني الأزرق ،
ثم ينثال بياضاً فتشهق الحديقة تحت وابل من النور ،
وتبدأ أزهار الوز بالطقطقة معلنة انفجار الحياة
في رحمها .. يالله ..متى سيكون عندها شرفة زجاجية ،
وأزهار لوز ، وشاي أخضر ؟
ماذا لو بدلت الشاي الأخضر بالأسود ؟
ابتسمت وكأنها تلقت جواباً فهمهمت: - حسناً يا منذر ،
سأنتظرك على نافذتي الواطئة ،
وبيدي كوب الشاي الأسود .. بقيت مشكلة صغيرة ..
الضوء الذي سيبرق ويرعد مباعداً ما بين الأوراق الخضراء ،
ومتغلغلاً في التربة الحمراء ،
ليرسم على زجاج الشرفة رموز الشوق والولادة...
طقطقت الفتاة أصابعها دليل الحيرة ...
ضحكت وفقست أصبع الإبهام بالوسطى وقالت بفرح : وجدتها ..
سأستيقظ باكراً قبل أن تبدأ حمى الأقدام بالخبط على الإسفلت
سأتسلق نافذتي ، سيشتعل قرص الشمس البرتقالي رويداً ، رويداً
وقد يصلني خيط واه منه ،
فيسقط على نافذتي دون أن يرسم أي رمز
لأن نافذتي بلازجاج ،
وسيكون كوب الشاي الأسود البلاستيكي بيدي ،
وسأطقطق بأصابعي فيولد منذر من رحمها ويقطع المسافات الضيقة في حارتنا ،
وسيجثو أمام قضبان النافذة ويقطعها بسيفه البتار ،
ويحملني إلى رياض مخملية ذات أدخنة زرقاء وخضراء ووردية،
ولن أعود إلى هنا ثانية .. مهلاً .. إن عائلتي ستبرد إذا قطعنا قضبان النافذة...
حسناً يا منذر ..
لن تقطع قضبان نافذتي فهي عالمي الوحيد ..
فقد أصبحت أستاذة في تمييز الأشخاص الذين يعبرونها من خلال ألوان ومقاسات وأشكال أحذيتهم ،
فقد أصبحت أعرف مقدار سعادة الشخص من طريقة خبط أقدامه على الأرض .. دع نافذتي وابق حيث أنت يا منذر .. تكفيني همهمة المارة وأحاديثهم المبتورة ، يكفيني اختلافهم ، وتراشقهم السباب يكفيني همسهم وصياحهم ، ورغم أنهم لن يروا طيفاً جاثماً كالصنم يكتب تاريخهم حديثه وقديمه ، بحبر أقدامهم ..................
بعد نهارٍ متعب وشاق وممل
قضته في تنظيف وترتيب وتلميع
ومداعبة مع اخوتها الصغار
وبعد ليلة طويلة قضتها أمام الشاشة الفضية ،
متفاعلة مع فيلم سرقها من نفسها ،
أوت إلى فراشها ،
وفي بالها تلك اليابانية التي كانت تستيقظ قبل شروق الشمس ،
تجلس علي شرفتها الزجاجية ،
تراقب تفتح أزهار اللوز وتحتسي الشاي الأخضر من كوب عاجي كلون أصابعها الطويلة ،
وبغفلة من الفتاة ،
يتصاعد الدخان من زهرة لوز ،
ويخرج فارس دقيق الملامح ،
يلبس سروالاً فضفاضاً ،
ويضفر شعره الأسود الطويل بشريطة حريرية ..
حدق الفارس في عيون اليابانية الضيقة ،
فأحست بأنه يحدق فيها ،
فيعطي شوقها ثلجاً أبيض يتكدس فوق شرفات قلبها ،
سار الفارس باتجاه فتاته ،
استل سيفه ،
شرب الأشواك التي اعترضت طريقه ذات اليمين وذات الشمال ،
قفز فوق السور حمل الفتاة ،
طار بها إلى رياض مخملية ،
تتوسطها بحيرات زرقاء ،
يسبح فيها بجع ناصع البياض ،
حملتها بجعة وطارت بها إلى البعيد ..
أثناء ذلك اختلط الفيلم بالواقع وتجسد منذر أمامها ،
لكن كيف سينبثق من زهرة لوز ؟
ما هذه الفكرة السخيفة ؟
فهو لا يمكن أن يشبه ذلك الفارس الياباني الذي ولد من رحم الزهرة ،
لكن لابد أن ينبثق
.. ستنتظره كل يوم على الشرفة .. الشرفة ؟!...
لا شرفة في بيتها ... ماالبديل ؟
النافذة الواطئة التي تحمل غبار المارة ومقذوفاتهم المختلفة ؟
وإن وجدت الشرفة من أين ستأتي بأشجار اللوز ؟
ما هذه الفذلكة اليابانية ؟
هي أصلاً لا تعرف شكل زهر اللوز ،
تعرف اللوز محمصاً ،
تلتهمه حينما تتسلق كرسي القش و تسند ذقنها على حواف النافذة الضيقة ،
وتتخاطف الأحاديث فتبدأ بنسج القصص الممتعة
والنهايات السعيدة عندما تربط الأحاديث بعضها ببعض ،
وعندما تملّ تتشاغل بعدّ أحذية الرجال وأحذية النساء فحدود نافذتها تنتهي عند أقدام المارة ..
ماالبديل عن زهر اللوز الذي سيلد فارسها مع انبثاق كل فجر ؟
المشكلة الأخرى ،
الشاي الأخضر والأكواب العاجية ،
والأنامل الضوئية التي ستلتف عليها ..
اللحلم المستعصي .. الأكواب التي في بيتها بلاستيكية ،
حيث تحرص أمها على ألا تدخل الزجاج إلى مطبخها لأن عمره قصير ،
مما يشكو البلاستيك إنه أفضل اختراع للإنسانية ،
بل هو الحضارة عينها ... تأملت أناملها المبرومة والقصيرة .. ياللاختلاف ..
من أين أتت تلك اليابانية اللعينة بتلك الأنامل البلورية ؟
ولماذا تجلس كل فجر تراقب توزع الضوء في حديقتها ؟
حيث يتدرج من الدخاني الوردي إلى الدخاني الأزرق ،
ثم ينثال بياضاً فتشهق الحديقة تحت وابل من النور ،
وتبدأ أزهار الوز بالطقطقة معلنة انفجار الحياة
في رحمها .. يالله ..متى سيكون عندها شرفة زجاجية ،
وأزهار لوز ، وشاي أخضر ؟
ماذا لو بدلت الشاي الأخضر بالأسود ؟
ابتسمت وكأنها تلقت جواباً فهمهمت: - حسناً يا منذر ،
سأنتظرك على نافذتي الواطئة ،
وبيدي كوب الشاي الأسود .. بقيت مشكلة صغيرة ..
الضوء الذي سيبرق ويرعد مباعداً ما بين الأوراق الخضراء ،
ومتغلغلاً في التربة الحمراء ،
ليرسم على زجاج الشرفة رموز الشوق والولادة...
طقطقت الفتاة أصابعها دليل الحيرة ...
ضحكت وفقست أصبع الإبهام بالوسطى وقالت بفرح : وجدتها ..
سأستيقظ باكراً قبل أن تبدأ حمى الأقدام بالخبط على الإسفلت
سأتسلق نافذتي ، سيشتعل قرص الشمس البرتقالي رويداً ، رويداً
وقد يصلني خيط واه منه ،
فيسقط على نافذتي دون أن يرسم أي رمز
لأن نافذتي بلازجاج ،
وسيكون كوب الشاي الأسود البلاستيكي بيدي ،
وسأطقطق بأصابعي فيولد منذر من رحمها ويقطع المسافات الضيقة في حارتنا ،
وسيجثو أمام قضبان النافذة ويقطعها بسيفه البتار ،
ويحملني إلى رياض مخملية ذات أدخنة زرقاء وخضراء ووردية،
ولن أعود إلى هنا ثانية .. مهلاً .. إن عائلتي ستبرد إذا قطعنا قضبان النافذة...
حسناً يا منذر ..
لن تقطع قضبان نافذتي فهي عالمي الوحيد ..
فقد أصبحت أستاذة في تمييز الأشخاص الذين يعبرونها من خلال ألوان ومقاسات وأشكال أحذيتهم ،
فقد أصبحت أعرف مقدار سعادة الشخص من طريقة خبط أقدامه على الأرض .. دع نافذتي وابق حيث أنت يا منذر .. تكفيني همهمة المارة وأحاديثهم المبتورة ، يكفيني اختلافهم ، وتراشقهم السباب يكفيني همسهم وصياحهم ، ورغم أنهم لن يروا طيفاً جاثماً كالصنم يكتب تاريخهم حديثه وقديمه ، بحبر أقدامهم ..................
التعديل الأخير بواسطة المشرف: