لا تكتبوا التاريخ بالفصحى
دعوا العبريَّ ينقُشُه بلا معنى .
دعوه يلطّخُ الشهداءَ ..!
يمحو النصر ..
يقتلعُ الشجيراتِ التي وَقَفت بوجه الريح .
نحن ترابُ هذي الأرض ..
نحن الشوك ..
والأحجار
نحنُ التين والزيتون.
ونحنُ الآن عنوان القصيدة , والحكاية , والسلام .
... ...
أيُّ سيفٍ جَزَّ خاصرتي
وأسكنني بلاداً لستُ أعرفها
وألغى من قواميس الدنا عنوان منزلنا القديم,
وأرضاً كنتُ أرويها دموعَ الحبّ
أسكنها وتسكنني
أنا لغةُ الطيور وهمسة الدفلى
وأسرار الحساسين الصغيرة .
وأنا البحار هدوءُها .. هيجانها
وأنا السفينة والمسافر والشراع .
أقفلتُ باب الأمسِ كي لا نستعيدَ مجازراً ومنافي
وعرجتُ نحو النجم حتى تستقيم مطالب الأطفال فينا
والشيوخ ..
وجدتي السمراء في أرض النقب
أنا رمل هذا الشاطىء الممتد من حيفا
إلى مالا تراهُ العين
وأنا اكتمالُ البدر في ليلٍ ربيعيٍّ
يغازلُ طفلتين يتيمتين
وأنا حروفُ مقالتي
يا سادتي ..
لا تكتبوا التاريخ بالفصحى
لأن المجدَ لن يأتي
ونحنُ نسير بداخل حلمنا أسرى بدون عيون
إذا لم تكتب التاريخَ فارحل أيها العربيُّ
ولترهن حصانك .
إذا لم تكتب التاريخ لا تسكن خيامَ العزِّ
واذبح فيك ذُلَّ هزيمةٍ سكنتكَ
منذُ رحيلك القصريّ .
أنا التاريخ .. فلتكتبْ جراحي دمعةُ الزهرِ الخجولِِ
وأنّةُ الطفلة
ولتُدرَج معاناةُ الطيور إليَّ .. وفيَّ .
وليحمل نسيم البحرِ أشواقي لمن سبقوا ..
ومَن حفروا لهذي الأرض سؤددها
أنا التاريخ .. فلترسم شفاهُ العمرِ بسمتيَّ السجينة
خلف قضبان الظلام
وتحتَ ذرّاتِ الأملْ .
أنا الجبلُ الأشمُّ , أنا الصقورُ ,
وحقّي سوف آخذه
فإن جارتْ سياط القاتلين عليَّ لن أكسر .
أو انتفضت عواصفُ غدرهم سأظلُّ مثل النخل .
وأبقى ثابتاً مهما تطول النكباتُ القاتله.
بيتي هناك .. وذكرياتُ طفولتي ..
ومراسم التتويج للأرض البهية
والزهور التاجُ .
قلبي هناك زرعتموه مذابحاً ,
ورسمتمُ شكلاً جديداً للحياة .
لا تكتبوا التاريخ بالفصحى . ولكن
أكتبوا نصاً مليئاً بالوفاء
... ... تأليف .. خالد طالب عرار