الموت قنطرة[1]
لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبيطالب (عليه السلام) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم، وكان الحسين صلوات الله عليه وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدئ جوارحهم، وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا ﻻ يبالي بالموتّ فقال لهم الحسين (عليه السلام):
صبراً بني الكرام! فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، أن أبي حدثني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت ولا كذبت.
لوح ثمين[2]
وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن فيه مكتوب:
أنا الله ﻻ إله إلاّ أنا، و محمّد نبيّي.
عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟!
وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟!
وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها؟!
وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب؟!
الدنيا مهانة[3]
خرجنا مع الحسين (عليه السلام) فما نزل منزلاً ولا ارتحل منه إلاّ وذكر يحيى بن زكريّا (عليه السلام) وقال يوماً:
من هو ان الدنيا على الله عزّ وجلّ أنّ رأس يحيى بن زكريّا اهدى إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل.
أبكي لخصلتين[4]
لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبيطالب (عليه السلام) الوفاة بكى فقيل له: يابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (مكانك) الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال، وقد حججت عشرين حجّة ما شياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات، حتى النعل والنعل؟
فقال (عليه السلام): إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبّة.
في عزاء الحسن (عليه السلام)[5]
قال الحسين (عليه السلام) لمّا وضع (اخاه) الحسن (عليه السلام) في لحده:
ءأدهن رأسي أم تطيب مجالسي *** ورأسك معفور وأنت سليب
أو استمتع الدنيا لشيء أحبّه *** ألا كلّ ما أدنا إليك حبيب
فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة *** عليك وما هبّت صبا وجنوب
وما هملت عيني من الدمع قطرة *** وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب
بكائي طويل والدموع غزيرة *** وأنت بعيد والمزار قريب
غريب وأطراف البيوت تحوطه *** ألا كلّ من تحت التراب غريب
ولا يفرح الباقي خلاف الّذي مضى *** وكلّ فتى للموت فيه نصيب
فليس حريبا من اصيب بماله *** ولكن من وارى أخاه حريب
نسيبك من أمسى يناجيك طرفه *** وليس لمن تحت التراب نسيب
الأمن يوم القيامة[6]
ومن زهد الحسين (عليه السلام) أنّه قيل له: ما أعظم خوفك من ربّك؟ فقال:
ﻻ يأمن يوم القيامة إلاّ من خاف الله في الدنيا.
بين المخاطر[7]
قيل للحسين بن علي (عليه السلام): كيف أصبحت يابن رسول الله؟ قال:
اصبحت ولي رب فوقي، والنار امامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وانا مرتهن بعملي، ﻻ اجد ما احب، ولا ادفع ما اكره والامور بيد غيري، فان شاء عذبني، وان شاء عفا عني، فايّ فقير افقر مني.
الاعمال وعرضها على الله[8]
ان اعمال هذه الامة ما من صباح إلاّ وتعرض على الله عزّ وجلّ.
من دخل المقابر[9]
من دخل المقابر فقال: (اللّهم ربّ هذه الارواح الفانية، والاجساد البالية، والعظام النخرة، التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ادخل عليهم روحاً منك وسلاماً مني) كتب الله له بعدد الخلق من لدن آدم الى ان تقوم الساعة حسنات.
[1] معاني الأخبار 288، ب 21، ح 3: قال عليّ بن الحسين (عليه السلام):...
[2] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2/44، ب 31، ح 158: حدّثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي قال: حدثنا أبوبكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، قال: حدثنا أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا، وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني عن الرضا علي بن موسى وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا عليّ بن محمد بن مهروية القزويني، عن داود بن سليمان الفرا، عن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال:...
[3] بحار الأنوار 14/175: روى سفيان بن عيينة، عن عليّ بن زيد، عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال:...
[4] أمالي الصدوق 184 المجلس 39 ح 9، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1/ 303 ب 28، ح 62: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال:...
[5] مناقب ابن شهر آشوب 4/ 45:....
[6] عن مناقب ابن شهر آشوب 4/69:...
[7] جامع الأخبار 90، الفصل 49:...
[8] دعوات الراوندي 34 ب 1 الفصل 1 ح 79: قال ابو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام):...
[9] بحار الانوار 102/300 ـ 301 الحديث 31: روى عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال:...
لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن عليّ بن أبيطالب (عليه السلام) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم، وكان الحسين صلوات الله عليه وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدئ جوارحهم، وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا ﻻ يبالي بالموتّ فقال لهم الحسين (عليه السلام):
صبراً بني الكرام! فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، أن أبي حدثني عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت ولا كذبت.
لوح ثمين[2]
وجد لوح تحت حائط مدينة من المدائن فيه مكتوب:
أنا الله ﻻ إله إلاّ أنا، و محمّد نبيّي.
عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟!
وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟!
وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن إليها؟!
وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف يذنب؟!
الدنيا مهانة[3]
خرجنا مع الحسين (عليه السلام) فما نزل منزلاً ولا ارتحل منه إلاّ وذكر يحيى بن زكريّا (عليه السلام) وقال يوماً:
من هو ان الدنيا على الله عزّ وجلّ أنّ رأس يحيى بن زكريّا اهدى إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل.
أبكي لخصلتين[4]
لمّا حضرت الحسن بن علي بن أبيطالب (عليه السلام) الوفاة بكى فقيل له: يابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (مكانك) الذي أنت به، وقد قال فيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال، وقد حججت عشرين حجّة ما شياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات، حتى النعل والنعل؟
فقال (عليه السلام): إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبّة.
في عزاء الحسن (عليه السلام)[5]
قال الحسين (عليه السلام) لمّا وضع (اخاه) الحسن (عليه السلام) في لحده:
ءأدهن رأسي أم تطيب مجالسي *** ورأسك معفور وأنت سليب
أو استمتع الدنيا لشيء أحبّه *** ألا كلّ ما أدنا إليك حبيب
فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة *** عليك وما هبّت صبا وجنوب
وما هملت عيني من الدمع قطرة *** وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب
بكائي طويل والدموع غزيرة *** وأنت بعيد والمزار قريب
غريب وأطراف البيوت تحوطه *** ألا كلّ من تحت التراب غريب
ولا يفرح الباقي خلاف الّذي مضى *** وكلّ فتى للموت فيه نصيب
فليس حريبا من اصيب بماله *** ولكن من وارى أخاه حريب
نسيبك من أمسى يناجيك طرفه *** وليس لمن تحت التراب نسيب
الأمن يوم القيامة[6]
ومن زهد الحسين (عليه السلام) أنّه قيل له: ما أعظم خوفك من ربّك؟ فقال:
ﻻ يأمن يوم القيامة إلاّ من خاف الله في الدنيا.
بين المخاطر[7]
قيل للحسين بن علي (عليه السلام): كيف أصبحت يابن رسول الله؟ قال:
اصبحت ولي رب فوقي، والنار امامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وانا مرتهن بعملي، ﻻ اجد ما احب، ولا ادفع ما اكره والامور بيد غيري، فان شاء عذبني، وان شاء عفا عني، فايّ فقير افقر مني.
الاعمال وعرضها على الله[8]
ان اعمال هذه الامة ما من صباح إلاّ وتعرض على الله عزّ وجلّ.
من دخل المقابر[9]
من دخل المقابر فقال: (اللّهم ربّ هذه الارواح الفانية، والاجساد البالية، والعظام النخرة، التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ادخل عليهم روحاً منك وسلاماً مني) كتب الله له بعدد الخلق من لدن آدم الى ان تقوم الساعة حسنات.
[1] معاني الأخبار 288، ب 21، ح 3: قال عليّ بن الحسين (عليه السلام):...
[2] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2/44، ب 31، ح 158: حدّثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي قال: حدثنا أبوبكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، قال: حدثنا أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا، وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني عن الرضا علي بن موسى وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا عليّ بن محمد بن مهروية القزويني، عن داود بن سليمان الفرا، عن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام)، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال:...
[3] بحار الأنوار 14/175: روى سفيان بن عيينة، عن عليّ بن زيد، عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال:...
[4] أمالي الصدوق 184 المجلس 39 ح 9، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1/ 303 ب 28، ح 62: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال:...
[5] مناقب ابن شهر آشوب 4/ 45:....
[6] عن مناقب ابن شهر آشوب 4/69:...
[7] جامع الأخبار 90، الفصل 49:...
[8] دعوات الراوندي 34 ب 1 الفصل 1 ح 79: قال ابو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام):...
[9] بحار الانوار 102/300 ـ 301 الحديث 31: روى عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال:...